responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 4  صفحه : 396
وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: هُوَ الَّذِي يُكْثِرُ التَّأَوُّهَ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السلام يكثر أن يقول: أوه من النار، قبل ألا ينفع أوه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَتَأَوَّهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: الْأَوَّاهُ الْكَثِيرُ الذِّكْرِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: الْأَوَّاهُ: الْمُسَبِّحُ، وَرُوِيَ عَنْهُ: الْأَوَّاهُ: الْمُعَلِّمُ لِلْخَيْرِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: هُوَ الْفَقِيهُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ الرَّاجِعُ عَنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ، وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ الْخَائِفُ مِنَ النَّارِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْمُتَأَوِّهُ شَفَقًا وَفَرَقًا الْمُتَضَرِّعُ يَقِينًا، يريد أن يكون تضرعه على يقين الإجابة ولزوم الطاعة، قَالَ الزَّجَّاجُ: قَدِ انْتَظَمَ فِي قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي الْأَوَّاهِ، وَأَصْلُهُ مِنَ التَّأَوُّهِ وَهُوَ أَنْ يُسْمَعَ لِلصَّدْرِ صَوْتٌ مِنْ تَنَفُّسِ الصُّعَدَاءِ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ أَوَّهَ وَتَأَوَّهَ، وَالْحَلِيمُ الصَّفُوحُ عَمَّنْ سَبَّهُ أَوْ نَالَهُ بِالْمَكْرُوهِ، كَمَا قَالَ لِأَبِيهِ عِنْدَ وَعِيدِهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: الْحَلِيمُ السَّيِّدُ.
[115] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} [التوبة: 115] مَعْنَاهُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَحْكُمَ عَلَيْكُمْ بِالضَّلَالَةِ بِتَرْكِ الْأَوَامِرِ بِاسْتِغْفَارِكُمْ للمشركين، {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115] يُرِيدُ حَتَّى يَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ بِالنَّهْيِ، فإذا بين وَلَمْ تَأْخُذُوا بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تستحقون الضلال، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هَذَا فِي الْمَنْسُوخِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا، وَلَمْ تَكُنِ الْخَمْرُ حَرَامًا وَلَا الْقِبْلَةُ مَصْرُوفَةً إِلَى الْكَعْبَةِ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وَصُرِفَتِ الْقِبْلَةُ، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدُوا الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ وَالْقِبْلَةَ قَدْ صُرِفَتْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كُنْتَ عَلَى دِينٍ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِهِ فَنَحْنُ ضُلَّالٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} [التوبة: 115] يَعْنِي مَا كَانَ اللَّهُ لِيُبْطِلَ عَمَلَ قَوْمٍ قَدْ عَلِمُوا بِالْمَنْسُوخِ حتى يبين لَهُمُ النَّاسِخُ، {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التوبة: 115] ثُمَّ عَظَّمَ نَفْسَهُ فَقَالَ:
[116] {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [التوبة: 116] يَحْكُمُ بِمَا يَشَاءُ، {يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [التوبة: 116]
[117] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ} [التوبة: 117] الْآيَةَ، تَابَ اللَّهُ أَيْ: تَجَاوَزَ وَصَفَحَ، وَمَعْنَى تَوْبَتِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِذْنِهِ لِلْمُنَافِقِينَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْهُ، وَقِيلَ: افْتَتَحَ الْكَلَامَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ تَوْبَتِهِمْ، فَذَكَرَهُ مَعَهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الْأَنْفَالِ: 41] وَنَحْوِهِ، {وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117] أَيْ: فِي وَقْتِ الْعُسْرَةِ، وَلَمْ يُرِدْ سَاعَةً بِعَيْنِهَا، وَكَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ تُسَمَّى غَزْوَةَ الْعُسْرَةِ، وَالْجَيْشُ يُسَمَّى جَيْشَ الْعُسْرَةِ، وَالْعُسْرَةُ الشِّدَّةُ، وكانت عليهم عُسْرَةٍ فِي الظَّهْرِ وَالزَّادِ وَالْمَاءِ، قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الْعَشَرَةُ مِنْهُمْ يخرجون على بعير واحد يتعقبونه يَرْكَبُ الرَّجُلُ سَاعَةً ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَرْكَبُ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ، وَكَانَ زَادُهُمُ التمر المسوس والشعير المتغير {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ} [التوبة: 117] قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ: (يَزِيغُ) بِالْيَاءِ لِقَوْلِهِ (كَادَ) وَلَمْ يَقُلْ، كَادَتْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ، وَالزَّيْغُ: الْمَيْلُ، أي: من بعد كادت تميل، {قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 117] أَيْ: قُلُوبُ بَعْضِهِمْ، وَلَمْ يُرِدَ الْمَيْلَ عَنِ الدِّينِ بَلْ أَرَادَ الْمَيْلَ إِلَى التَّخَلُّفِ وَالِانْصِرَافِ لِلشِّدَّةِ الَّتِي عَلَيْهِمْ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هَمَّ نَاسٌ بِالتَّخَلُّفِ ثُمَّ لَحِقُوهُ. {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 117] فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أَعَادَ ذِكْرَ التَّوْبَةِ، وَقَدْ قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ} [التوبة: 117] ؟ قِيلَ: ذَكَرَ التَّوْبَةَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ قَبْلَ ذِكْرِ الذَّنْبِ، وَهُوَ مَحْضُ الْفَضْلِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا ذَكَرَ الذَّنْبَ أَعَادَ ذِكْرَ التَّوْبَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَبُولُهَا، {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَدًا.

[قَوْلُهُ تَعَالَى وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا] ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ. . . .
[118] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] أي: خلفوا من غزوة تبوك، وقيل: {خُلِّفُوا} [التوبة: 118]

نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 4  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست