responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 240
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ [1] وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَيْبِ الْيَهُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالُوا: أَسْلَمْنَا قبلك وجعلوا يستهزؤون بِهِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: تُرِيدُ أَنْ نَتَّخِذَكَ حَنَانًا كَمَا اتَّخَذَتِ النَّصَارَى عيسى حَنَانًا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ سَكَتَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ} [المائدة: 68] الْآيَةَ. وَقِيلَ: بَلِّغَ مَا أُنزل إِلَيْكَ مِنَ الرَّجْمِ وَالْقِصَاصِ، نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَمْرِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَنِكَاحِهَا، وَقِيلَ: فِي الْجِهَادِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَرِهُوهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [محمد: 20] كرهه بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} [النساء: 77] الآية. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمْسِكُ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ عَنِ الْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ كَرَاهَةِ بَعْضِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَأَبُو بكر ويعقوب رِسَالاته عَلَى الْجَمْعِ وَالْبَاقُونَ رِسَالَتَهُ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِنْ لَمْ تُبَلِّغِ الْجَمِيعَ وَتَرَكْتَ بَعْضَهُ فَمَا بَلَّغْتَ شَيْئًا، أَيْ: جُرْمُكَ فِي تَرْكِ تَبْلِيغِ الْبَعْضِ كَجُرْمِكَ في ترك تبليغ الكل , وَقِيلَ: بَلِّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ أَيْ: أَظْهِرْ تَبْلِيغَهُ، كَقَوْلِهِ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الْحِجْرِ: 94] وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَإِنْ لَمْ تُظْهِرْ تَبْلِيغَهُ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، أَمَرَهُ بِتَبْلِيغِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مُجَاهِرًا مُحْتَسِبًا صَابِرًا، غَيْرَ خَائِفٍ، فَإِنْ أخفيتَ مِنْهُ شَيْئًا لِخَوْفٍ يَلْحَقُكَ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] يَحْفَظُكَ وَيَمْنَعُكَ مِنَ النَّاسِ، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ شُجَّ رَأْسُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَأُوذِيَ بِضُرُوبٍ مِنَ الْأَذَى؟ قِيلَ: مَعْنَاهُ يَعْصِمُكَ مِنَ الْقَتْلِ فَلَا يَصِلُونَ إِلَى قَتْلِكَ. وقيل: نزلت هذه الآية بعد ما شُجَّ رَأْسُهُ لِأَنَّ سُورَةَ الْمَائِدَةِ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: وَاللَّهُ يَخُصُّكَ بِالْعِصْمَةِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومٌ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]
[68] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68] أَيْ: تُقِيمُوا أَحْكَامَهُمَا وَمَا يَجِبُ عَلَيْكُمْ فِيهِمَا، {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ} [المائدة: 68] فَلَا تَحْزَنْ، {عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [الْمَائِدَةِ: 68]
[69] {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} [المائدة: 69] قوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أَيْ: بِاللِّسَانِ. وقوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [المائدة: 69] أَيْ: بِالْقَلْبِ، وَقِيلَ: الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) ، أَيْ: ثَبَتَ عَلَى الْإِيمَانِ، {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]
[70] قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 70] فِي التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ، {وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا} [المائدة: 70] عِيسَى وَمُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليهما، {وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [المائدة: 70] يحيى وزكريا.

[قوله تعالى وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا] ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ. . . .
[71] {وَحَسِبُوا} [المائدة: 71] ظنوا، {أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] أَيْ: عَذَابٌ وَقَتْلٌ، وَقِيلَ: ابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ، أَيْ: ظَنُّوا أَنْ لَا يُبتلوا ولا يُعذبهم الله، {فَعَمُوا} [المائدة: 71] عَنِ الْحَقِّ فَلَمْ يُبْصِرُوهُ، {وَصَمُّوا} [المائدة: 71] عَنْهُ فَلَمْ يَسْمَعُوهُ، يَعْنِي عَمُوا وَصَمُّوا بَعْدَ مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، {ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 71] بِبَعْثِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [الْمَائِدَةِ: 71] بِالْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 71]
[72] {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 72] وهم الملكانية واليعقوبية منهم،

[1] أسباب النزول للواحدي ص (232 - 233) ، الدر المنثور (3 / 116-117) .
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست