responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 223
{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ مَسْحِ الرَّأْسِ فَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ كَمَا يَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ مَسْحُ رُبْعِ الرَّأْسِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجِبُ قَدْرُ مَا يطلق عليه اسم المسح، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ ويعقوب وحفص {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بِنُصْبِ اللَّامِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ وَأَرْجُلِكُمْ بِالْخَفْضِ، فَمَنْ قَرَأَ وَأَرْجُلَكُمْ بِالنَّصْبِ فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6] أَيْ: وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ، وَمَنْ قَرَأَ بِالْخَفْضِ فَقَدْ ذَهَبَ قَلِيلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ على الرجلين، وذهب جماعة أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ وَغَيْرِهِمْ إِلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالُوا: خَفْضُ اللَّامِ فِي الْأَرْجُلِ عَلَى مُجَاوَرَةِ اللَّفْظِ لَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْحُكْمِ، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وتعالى: {عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [هود: 26] فَالْأَلِيمُ صِفَةُ الْعَذَابِ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَ إِعْرَابَ الْيَوْمِ لِلْمُجَاوَرَةِ، وَكَقَوْلِهِمْ: جُحْرُ ضب خرب، فالخراب نعت الجحر، وأخذ إعراب الضب للمجاورة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَأَرْجُلَكُمْ المسح على الخفين. قوله تعالى: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] فَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ جانبي القدمين، وهما مجمع مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ، فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعَ الْقَدَمَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي المرفقين. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] أي: اغتسلوا، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالصَّعِيدِ وَهُوَ التُّرَابُ، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 6] بِمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْوُضُوءِ والغسل والتيمم، {مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] ضيق، {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: 6] مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْجَنَابَاتِ وَالذُّنُوبِ، {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: إِتْمَامُ النِّعْمَةِ تَكْفِيرُ الْخَطَايَا بِالْوُضُوءِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الْفَتْحِ: 2] فَجَعَلَ تَمَامَ نِعْمَتِهِ غُفْرَانَ ذنوبه.
[7] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 7] يَعْنِي: النِّعَمَ كُلَّهَا، {وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ} [المائدة: 7] عَهْدَهُ الَّذِي عَاهَدَكُمْ بِهِ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، {إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [المائدة: 7] وَذَلِكَ حِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِيمَا أَحَبُّوا وَكَرِهُوا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [المائدة: 7] بِمَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.

نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست