responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 114
واحد، والمتشابه ما يحتمل أَوْجُهًا. وَقِيلَ: الْمُحْكَمُ مَا يُعْرَفُ معناه وتكون حجته واضحة، ودلائله لائحة لا يُشتبه، وَالْمُتَشَابِهُ هُوَ الَّذِي يُدْرَكُ عِلْمُهُ بِالنَّظَرِ، وَلَا يَعْرِفُ الْعَوَامُّ تَفْصِيلَ الْحَقِّ فِيهِ مِنَ الْبَاطِلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُحْكَمُ مَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ فِي الْمَعْنَى، وَالْمُتَشَابِهُ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ إِلَّا بِرَدِّهِ إِلَى غيره. {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: 7] أَيْ: مَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ، وَقِيلَ: شَكٌّ، {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنِيِّ بِهَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ الرَّبِيعُ: هُمْ وَفْدُ نَجْرَانَ خَاصَمُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالُوا لَهُ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحٌ مِنْهُ؟ قَالَ: بلى، قالوا: حسبنا ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمُ الْيَهُودُ طَلَبُوا علم أجل هذه الأمة واستخراجه بِحِسَابِ الْجُمَّلِ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْخَوَارِجُ. وَكَانَ قَتَادَةُ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} [آل عمران: 7] قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُونُوا الْحَرُورِيَّةَ وَالسَّبَئِيَّةَ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ؟ وقيل: هم جميع المبتدعة. قوله تعالى: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} [آل عمران: 7] طَلَبَ الشِّرْكِ، قَالَهُ الرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ابْتِغَاءَ الشُّبُهَاتِ وَاللَّبْسِ لِيُضِلُّوا بِهَا جُهَّالَهُمْ، {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7] تَفْسِيرِهِ وَعِلْمِهِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 78] وقيل: ابتغاء عاقبته، وطلب أَجَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ حِسَابِ الْجُمَّلِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] أَيْ: عَاقِبَةً. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَظْمِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ قَوْمٌ الْوَاوُ فِي قوله: {وَالرَّاسِخُونَ} [آل عمران: 7] وَاوُ الْعَطْفِ، يَعْنِي: أَنَّ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ يَعْلَمُهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ، وَعَلَى هذا يكون قوله: {يَقُولُونَ} [آل عمران: 7] حَالًا مَعْنَاهُ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مع علمهم قائلين آمنا به، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الْوَاوَ في قوله: {وَالرَّاسِخُونَ} [آل عمران: 7] وَاوُ الِاسْتِئْنَافِ وَتَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] وَقَالُوا: لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ إِلَّا اللَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ في القرآن تأويل استأثر الله بعلمه ولم يُطلع عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِ السَّاعَةِ، وَوَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَنَحْوِهَا.
وَالْخَلْقُ مُتَعَبِّدُونَ فِي الْمُتَشَابِهِ بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَفِي الْمُحْكَمِ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَالْعَمَلِ، وَمِمَّا يُصَدِّقُ ذَلِكَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ إِنْ تَأْوِيلُهُ إِلَّا عِنْدَ اللَّهِ، {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: انْتَهَى عِلْمُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ قَالُوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا. وَهَذَا القول أَقْيَسُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] أَيِ: الدَّاخِلُونَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَتْقَنُوا عِلْمَهُمْ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ فِي مَعْرِفَتِهِمْ شَكٌّ، وَأَصْلُهُ مِنْ رُسُوخِ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ ثُبُوتُهُ، يُقَالُ: رَسَخَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِ فُلَانٍ، يَرْسُخُ رُسْخَا وَرُسُوخًا، وَقِيلَ: الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مؤمنوا أَهْلِ الْكِتَابِ مَثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} [النساء: 162] يعني: الدارسون علم التوراة والإنجيل، وَسُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، قَالَ: الْعَالِمُ الْعَامِلُ بِمَا علم المتبع لما علم. وَقِيلَ: الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ مَنْ وُجِدَ فِي عِلْمِهِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: التَّقْوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَالتَّوَاضُعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ، وَالزُّهْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّنْيَا، وَالْمُجَاهَدَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: بِقَوْلِهِمْ آمَنَّا بِهِ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى رَاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، فَرُسُوخُهُمْ فِي الْعِلْمِ قَوْلُهُمْ آمَنَّا بِهِ، أَيْ: بِالْمُتَشَابِهِ، {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ،

نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست