responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 6  صفحه : 3857
الناس بالباطل، واستخدام السلطان في ظلم الناس وبخسهم حقهم في التعامل.. ولكنهم ماضون في التطفيف كأنهم لا يظنون أنهم مبعوثون! وهو أمر عجيب، وشأن غريب! وقد سماهم المطففين في المقطع الأول. فأما في المقطع الثاني فيسميهم الفجار. إذ يدخلهم في زمرة الفجار، ويتحدث عن هؤلاء. يتحدث عن اعتبارهم عند الله، وعن حالهم في الحياة. وعما ينتظرهم يوم يبعثون ليوم عظيم.
«كَلَّا! إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟ كِتابٌ مَرْقُومٌ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ، إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ. كَلَّا! بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ. كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ. ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ. ثُمَّ يُقالُ: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ» ..
إنهم لا يظنون أنهم مبعوثون ليوم عظيم.. فالقرآن يردعهم عن هذا ويزجرهم، ويؤكد أن لهم كتابا تحصى فيه أعمالهم.. ويحدد موضعه زيادة في التوكيد. ويوعدهم بالويل في ذلك اليوم الذي يعرض فيه كتابهم المرقوم:
«كَلَّا. إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟ كِتابٌ مَرْقُومٌ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» !.
والفجار هم المتجاوزون للحد في المعصية والإثم. واللفظ يوحي بذاته بهذا المعنى. وكتابهم هو سجل أعمالهم.
ولا ندري نحن ماهيته ولم نكلف هذا. وهو غيب لا نعرف عنه إلا بمقدار ما يخبرنا عنه صاحبه ولا زيادة- فهناك سجل لأعمال الفجار يقول القرآن: إنه في سجين. ثم يسأل سؤال الاستهوال المعهود في التعبير القرآني:
«وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ؟» فيلقي ظلال التفخيم ويشعر المخاطب أن الأمر أكبر من إدراكه، وأضخم من أن يحيط به علمه. ولكنه بقوله: «إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ» يكون قد حدد له موضعا معينا، وإن يكن مجهولا للإنسان. وهذا التحديد يزيد من يقين المخاطب عن طريق الإيحاء بوجود هذا الكتاب. وهذا هو الإيحاء المقصود من وراء ذكر هذه الحقيقة بهذا القدر، دون زيادة.
ثم يعود إلى وصف كتاب الفجار ذاك فيقول: إنه «كِتابٌ مَرْقُومٌ» .. أي مفروغ منه، لا يزاد فيه ولا ينقص منه، حتى يعرض في ذلك اليوم العظيم.
فإذا كان ذلك: كان «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» ! ويحدد موضوع التكذيب، وحقيقة المكذبين:
«الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ. وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» ..
فالاعتداء والإثم يقودان صاحبهما إلى التكذيب بذلك اليوم وإلى سوء الأدب مع هذا القرآن فيقول عن آياته حين تتلى عليه: «أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» .. لما يحويه من قصص الأولين المسوقة فيه للعبرة والعظة، وبيان سنة الله التي لا تتخلف، والتي تأخذ الناس في ناموس مطرد لا يحيد.
ويعقب على هذا التطاول والتكذيب بالزجر والردع: «كَلَّا!» ليس كما يقولون..
ثم يكشف عن علة هذا التطاول وهذا التكذيب وهذه الغفلة عن الحق الواضح وهذا الانطماس في قلوب المكذبين:
«بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ» ..
أي غطى على قلوبهم ما كانوا يكسبونه من الإثم والمعصية. والقلب الذي يمرد على المعصية ينطمس ويظلم
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 6  صفحه : 3857
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست