responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 6  صفحه : 3550
هذه السورة تستهدف أمرين أساسيين واضحين في سياقها كل الوضوح، إلى جانب الإشارات والتلميحات الفرعية التي يمكن إرجاعها إلى ذينك الأمرين الأساسيين:
تستهدف أولا أن تقرر في ضمير المسلم أن دينه هو المنهج الإلهي للبشرية في صورته الأخيرة، سبقته صور منه تناسب أطوارا معينة في تاريخ البشرية، وسبقته تجارب في حياة الرسل وحياة الجماعات، تمهد كلها لهذه الصورة الأخيرة من الدين الواحد، الذي أراد الله أن يكون خاتمة الرسالات. وأن يظهره على الدين كله في الأرض..
ومن ثم يذكر رسالة موسى ليقرر أن قومه الذين أرسل إليهم آذوه وانحرفوا عن رسالته فضلوا، ولم يعودوا أمناء على دين الله في الأرض: «وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ: يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ. فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ» .. وإذن فقد انتهت قوامة قوم موسى على دين الله فلم يعودوا أمناء عليه، مذ زاغوا فأزاغ الله قلوبهم، ومذ ضلوا فأضلهم الله والله لا يهدي القوم الفاسقين.
ويذكر رسالة عيسى ليقرر أنه جاء امتدادا لرسالة موسى، ومصدقا لما بين يديه من التوراة، وممهدا للرسالة الأخيرة ومبشرا برسولها ووصلة بين الدين الكتابي الأول والدين الكتابي الأخير: «وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ، وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» ..
وإذن فقد جاء ليسلم أمانة الدين الإلهي التي حملها بعد موسى إلى الرسول الذي يبشر به.
وكان مقررا في علم الله وتقديره أن تنتهي هذه الخطوات إلى قرار ثابت دائم، وأن يستقر دين الله في الأرض في صورته الأخيرة على يدي رسوله الأخير: «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» .
هذا الهدف الأول الواضح في السورة يقوم عليه الهدف الثاني. فإن شعور المسلم بهذه الحقيقة، وإدراكه لقصة العقيدة، ولنصيبه هو من أمانتها في الأرض.. يستتبع شعوره بتكاليف هذه الأمانة شعورا يدفعه إلى صدق النية في الجهاد لإظهار دينه على الدين كله- كما أراد الله- وعدم التردد بين القول والفعل ويقبح أن يعلن المؤمن الرغبة في الجهاد ثم ينكص عنة، كما يبدو أنه حدث من فريق من المسلمين كما تذكر الروايات..
ومن ثم يجيء في مطلع السورة بعد إعلان تسبيح الكون وما فيه لله.. «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ؟ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ» .
ثم يدعوهم في وسط السورة إلى أربح تجارة في الدنيا والآخرة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ؟ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ. ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَأُخْرى تُحِبُّونَها: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» .
ثم يختم السورة بنداء أخير للذين آمنوا، ليكونوا أنصار الله كما كان الحواريون أصحاب عيسى أنصاره
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 6  صفحه : 3550
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست