responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3002
على البشر في أنحاء الأرض. وكل المحاولات التي بذلت لمحو العقائد الإلهية التي جاء بها الرسل، وتغليب أية فكرة أو فلسفة أخرى قد باءت بالفشل. باءت بالفشل حتى في الأرض التي نبعث منها. وحقت كلمة الله لعباده المرسلين. إنهم لهم المنصورون وإن جنده لهم الغالبون.
هذه بصفة عامة. وهي ظاهرة ملحوظة. في جميع بقاع الأرض. في جميع العصور.
وهي كذلك متحققة في كل دعوة لله، يخلص فيها الجند، ويتجرد لها الدعاة. إنها غالبة منصورة مهما وضعت في سبيلها العوائق، وقامت في طريقها العراقيل. ومهما رصد لها الباطل من قوى الحديد والنار، وقوى الدعاية والافتراء، وقوى الحرب والمقاومة، وإن هي إلا معارك تختلف نتائجها. ثم تنتهي إلى الوعد الذي وعده الله لرسله. والذي لا يخلف ولو قامت قوى الأرض كلها في طريقه. الوعد بالنصر والغلبة والتمكين.
هذا الوعد سنة من سنن الله الكونية. سنة ماضية كما تمضي هذه الكواكب والنجوم في دوراتها المنتظمة وكما يتعاقب الليل والنهار في الأرض على مدار الزمان وكما تنبثق الحياة في الأرض الميتة ينزل عليها الماء..
ولكنها مرهونة بتقدير الله، يحققها حين يشاء. ولقد تبطئ آثارها الظاهرة بالقياس إلى أعمار البشر المحدودة.
ولكنها لا تخلف أبدا ولا تتخلف وقد تتحقق في صورة لا يدركها البشر لأنهم يطلبون المألوف من صور النصر والغلبة، ولا يدركون تحقق السنة في صورة جديدة إلا بعد حين! ولقد يريد البشر صورة معينة من صور النصر والغلبة لجند الله وأتباع رسله. ويريد الله صورة أخرى أكمل وأبقى. فيكون ما يريده الله. ولو تكلف الجند من المشقة وطول الأمد أكثر مما كانوا ينتظرون.. ولقد أراد المسلمون قبيل غزوة بدر أن تكون لهم عير قريش وأراد الله أن تفوتهم القافلة الرابحة الهينة وأن يقابلوا النفير وأن يقاتلوا الطائفة ذات الشوكة. وكان ما أراده الله هو الخير لهم وللإسلام. وكان هو النصر الذي أراده الله لرسوله وجنده ودعوته على مدى الأيام.
ولقد يهزم جنود الله في معركة من المعارك، وتدور عليهم الدائرة، ويقسو عليهم الابتلاء لأن الله يعدهم للنصر في معركة أكبر. ولأن الله يهيئ الظروف من حولهم ليؤتي النصر يومئذ ثماره في مجال أوسع، وفي خط أطول، وفي أثر أدوم.
لقد سبقت كلمة الله، ومضت إرادته بوعده، وثبتت سنته لا تتخلف ولا تحيد:
«وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ» .
وعند إعلان هذا الوعد القاطع، وهذه الكلمة السابقة، يأمر الله رسوله- صلّى الله عليه وسلّم- أن يتولى عنهم، ويدعهم لوعد الله وكلمته، ويترقب ليبصرهم وقد حقت عليهم الكلمة، ويدعهم ليبصروا ويروا رأى العين كيف تكون:
«فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ. أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ؟ فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ. وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ» ..
فتول عنهم، وأعرض ولا تحفلهم ودعهم لليوم الذي تراهم فيه ويرون هم ما ينتهي إليه وعد الله فيك وفيهم وإذا كانوا يستعجلون بعذابنا، فياويلهم يوم ينزل بهم. فإنه إذا نزل بساحة قوم صبحهم بما يسوء، وقد قدم له النذير.
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3002
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست