responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2984
صنعة الصانع فيه بديعة التكوين جميلة التنسيق وأن الجمال فيه فطرة عميقة لا عرض سطحي وأن تصميمه قائم على جمال التكوين كما هو قائم على كمال الوظيفة سواء بسواء. فكل شيء فيه بقدر، وكل شيء فيه يؤدي وظيفته بدقة وهو في مجموعه جميل.
والسماء. وتناثر الكواكب فيها، أجمل مشهد تقع عليه العين. ولا تمل طول النظر إليه. وكل نجمة توصوص بضوئها وكل كوكب يوصوص بنوره وكأنه عين محبة تخالسك النظر فإذا أنت حدقت فيها أغمضت وتوارت وإذا أنت التفت عنها أبرقت ولمعت! وتتبع مواقعها وتغير منازلها ليلة بعد ليلة وآنا بعد آن متعة نفسية لا تملها النفس أبدا! ثم تقرر الآية التالية أن لهذه الكواكب وظيفة أخرى، وأن منها شهبا ترجم بها الشياطين كي لا تدنو من الملأ الأعلى:
«وحفظا من كل شيطان مارد. لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب. إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب» ..
فمن الكواكب رجوم تحفظ السماء من كل شيطان عات متمرد وتذوده عن الاستماع إلى ما يدور في الملأ الأعلى فإذا حاول التسمع تلقفته الرجوم من كل جانب، فتدحره دحرا، وله في الآخرة عذاب موصول لا ينقطع. ولقد يخطف الشيطان المارد خطفة سريعة مما يدور في الملأ الأعلى، فيتبعه شهاب يلاحقه في هبوطه فيصيبه ويحرقه حرقا.
ونحن لا نعرف كيف يتسمع الشيطان المارد ولا كيف يخطف الخطفة ولا كيف يرجم بالشهاب الثاقب.
لأن هذه كلها غيبيات تعجز طبيعتنا البشرية عن تصور كيفياتها ومجالنا فيها هو تصديق ما جاء من عند الله فيها. وهل نعلم عن شيء في هذا الكون إلا القشور؟! والمهم أن هذه الشياطين التي تمنع من الوصول إلى الملأ الأعلى، ومن التسمع لما يدور فيه هي التي يدعي المدعون أن بينها وبين الله نسبا، ولو كان شيء من هذا صحيحا لتغير وجه المعاملة. ولما كان مصير الأنسباء والأصهار- بزعمهم- هو المطاردة والرجم والحرق أبدا! وبعد ذكر الملائكة. وذكر السماوات والأرض وما بينهما. وذكر الكواكب التي تزين السماء الدنيا.
وذكر الشياطين المردة والقذائف التي تلاحقها.. يكلف الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- أن يسألهم أهم أشد خلقا أم هذه الخلائق؟ وإذا كانت هذه الخلائق أشد وأقوى ففيم يدهشون لقضية البعث ويسخرون منها، ويستبعدون وقوعها، وهي لا تقاس إلى خلق تلك الخلائق الكبرى:
«فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا؟ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ. بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ. وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ. وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ: وَقالُوا: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ. أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ؟ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ؟» .
فاستفتهم واسألهم إذا كانت الملائكة والسماوات والأرض وما بينهما والشياطين والكواكب والشهب كلها من خلق الله. فهل خلقهم هم أشد وأصعب من خلق هذه الأكوان والخلائق؟
ولا ينتظر منهم جوابا، فالأمر ظاهر إنما هو سؤال الاستنكار والتعجيب من حالهم العجيب. وغفلتهم عما حولهم، والسخرية من تقديرهم للأمور. ومن ثم يعرض عليهم مادة خلقهم الأولى. وهي طين رخو لزج
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2984
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست