responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2898
والسابغات الدروع. روي أنها كانت تعمل قبل داود- عليه السّلام- صفائح. الدرع صفيحة واحدة، فكانت تصلب الجسم وتثقله. فألهم الله داود أن يصنعها رقائق متداخلة متموجة لينة يسهل تشكيلها وتحريكها بحركة الجسم وأمر بتضييق تداخل هذه الرقائق لتكون محكمة لا تنفذ منها الرماح. وهو التقدير في السرد.
وكان الأمر كله إلهاما وتعليما من الله.
وخوطب داود وأهله:
«وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» ..
لا في الدروع وحدها بل في كل ما تعملون مراقبين الله الذي يبصر ما تعملون ويجازي عليه، فلا يفلت منه شيء، والله به بصير..
ذلك ما آتاه الله داود- عليه السّلام- فأما سليمان فقد آتاه الله أفضالا أخرى:
«وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ، وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ، وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ. وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ. يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ. وَقُدُورٍ راسِياتٍ. اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً. وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ» .
وتسخير الريح لسليمان تتكاثر حوله الروايات، وتبدو ظلال الإسرائيليات واضحة في تلك الروايات- وإن تكن كتب اليهود الأصلية لم تذكر شيئا عنها- والتحرج من الخوض في تلك الروايات أولى. والاكتفاء بالنص القرآني أسلم. مع الوقوف به عند ظاهر اللفظ لا نتعداه. ومنه يستفاد أن الله سخر الريح لسليمان، وجعل غدوها أي توجهها غادية إلى بقعة معينة (ذكر في سورة الأنبياء أنها الأرض المقدسة) يستغرق شهرا، ورواحها أي انعكاس اتجاهها في الرواح يستغرق شهرا كذلك. وفق مصلحة تحصل من غدوها ورواحها، يدركها سليمان- عليه السّلام- ويحققها بأمر الله.. ولا نملك أن نزيد هذا إيضاحا حتى لا ندخل في أساطير لا ضابط لها ولا تحقيق.
«وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ» ..
والقطر النحاس. وسياق الآيات يشير إلى أن هذا كان معجزة خارقة كإلانة الحديد لداود. وقد يكون ذلك بأن فجر الله له عينا بركانية من النحاس المذاب من الأرض. أو بأن ألهمه الله إذابة النحاس حتى يسيل ويصبح قابلا للصب والطرق. وهو فضل من الله كبير.
«وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ» ..
وكذلك سخر له طائفة من الجن يعملون بأمره بإذن ربه. والجن كل مستور لا يراه البشر. وهناك خلق سماهم الله الجن ولا نعرف نحن من أمرهم شيئا إلا ما ذكره الله عنهم. وهو يذكر هنا أن الله سخر طائفة منهم لنبيه سليمان- عليه السّلام- فمن عصى منهم ناله عذاب الله:
«وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ» ..
ولعل هذا التعقيب- قبل الانتهاء من قصة التسخير- يذكر على هذا النحو لبيان خضوع الجن لله. وكان بعض المشركين يعبدهم من دون الله. وهم مثلهم معرضون للعقاب عند ما يزيغون عن أمر الله.
وهم مسخرون لسليمان- عليه السّلام-:
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2898
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست