responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2860
فريضة، كي يتاح للأم من الجهد، ومن الوقت، ومن هدوء البال، ما تشرف به على هذه الفراخ الزغب، وما تهيئ به للمثابة نظامها وعطرها وبشاشتها. فالأم المكدودة بالعمل للكسب، المرهقة بمقتضيات العمل، المقيدة بمواعيده، المستغرقة الطاقة فيه.. لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره، ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها. وبيوت الموظفات والعاملات ما تزيد على جو الفنادق والخانات وما يشيع فيها ذلك الأرج الذي يشيع في البيت. فحقيقة البيت لا توجد إلا أن تخلقها امرأة، وأرج البيت لا يفوح إلا أن تطلقه زوجة، وحنان البيت لا يشيع إلا أن تتولاه أم. والمرأة أو الزوجة أو الأم التي تقضي وقتها وجهدها وطاقتها الروحية في العمل لن تطلق في جو البيت إلا الإرهاق والكلال والملال.
«وإن خروج المرأة لتعمل كارثة على البيت قد تبيحها الضرورة. أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها، فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول، في عصور الانتكاس والشرور والضلال [1] » .
فأما خروج المرأة لغير العمل. خروجها للاختلاط ومزاولة الملاهي. والتسكع في النوادي والمجتمعات..
فذلك هو الارتكاس في الحمأة الذي يرد البشر إلى مراتع الحيوان! ولقد كان النساء على عهد رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يخرجن للصلاة غير ممنوعات شرعا من هذا.
ولكنه كان زمان فيه عفة، وفيه تقوى، وكانت المرأة تخرج إلى الصلاة متلفعة لا يعرفها أحد، ولا يبرز من مفاتنها شيء. ومع هذا فقد كرهت عائشة لهن أن يخرجن بعد وفاة رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم! في الصحيحين عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ثم يرجعن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
وفي الصحيحين أيضا أنها قالت: لو أدرك رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ما أحدث النساء لمنعهن من المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل! فماذا أحدث النساء في حياة عائشة- رضي الله عنها-؟ وماذا كان يمكن أن يحدثن حتى ترى أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- كان مانعهن من الصلاة؟! ماذا بالقياس إلى ما نراه في هذه الأيام؟! «وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى» ..
ذلك حين الاضطرار إلى الخروج، بعد الأمر بالقرار في البيوت. ولقد كانت المرأة في الجاهلية تتبرج.
ولكن جميع الصور التي تروى عن تبرج الجاهلية الأولى تبدو ساذجة أو محتشمة حين تقاس إلى تبرج أيامنا هذه في جاهليتنا الحاضرة! قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين الرجال. فذلك تبرج الجاهلية! وقال قتادة: وكانت لهن مشية تكسر وتغنج. فنهى الله تعالى عن ذلك! وقال مقاتل بن حيان: والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيداري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها. وذلك التبرج! وقال ابن كثير في التفسير: كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها. فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن.

[1] عن كتاب: «السلام العالمي والإسلام» فصل: «سلام البيت» ص 54- 55 «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2860
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست