responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1433
الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها..
والسمة الثالثة: هي أن هذه الحركة الدائبة، والوسائل المتجددة، لا تخرج هذا الدين عن قواعده المحددة، ولا عن أهدافه المرسومة. فهو منذ اليوم الأول- سواء وهو يخاطب العشيرة الأقربين، أو يخاطب قريشا، أو يخاطب العرب أجمعين، أو يخاطب العالمين، إنما يخاطبهم بقاعدة واحدة ويطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد.. هو إخلاص العبودية لله، والخروج من العبودية للعباد.. لا مساومة في هذه القاعدة ولا لين.
ثم يمضي إلى تحقيق هذا الهدف الواحد، في خطة مرسومة ذات مراحل محددة لكل مرحلة وسائلها المتجددة.
على نحو ما أسلفنا في الفقرة السابقة.
والسمة الرابعة: هي ذلك الضبط التشريعي للعلاقات بين المجتمع المسلم وسائر المجتمعات الأخرى- على النحو الملحوظ في ذلك التلخيص الجيد الذي نقلناه عن «زاد المعاد» . وقيام ذلك الضبط على أساس أن الإسلام لله هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفيء إليه أو أن تسالمه بجملتها فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي، أو قوة مادية. وأن تخلي بينه وبين كل فرد، يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته. ولكن لا يقاومه ولا يحاربه! فإن فعل ذلك أحد كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله أو حتى يعلن استسلامه! والمهزومون روحيا وعقليا ممن يكتبون عن «الجهاد في الإسلام» ليدفعوا عن الإسلام هذا «الاتهام!» ..
يخلطون بين منهج هذا الدين في النص على استنكار الإكراه على العقيدة، وبين منهجه في تحطيم القوى السياسية المادية التي تحول بين الناس وبينه والتي تعبد الناس للناس وتمنعهم من العبودية لله.. وهما أمر ان لا علاقة بينهما ولا مجال للالتباس فيهما.. ومن أجل هذا التخليط- وقبل ذلك من أجل تلك الهزيمة! - يحاولون أن يحصروا الجهاد في الإسلام فيما يسمونه اليوم: «الحرب الدفاعية» .. والجهاد في الإسلام أمر آخر لا علاقة له بحروب الناس اليوم، ولا بواعثها، ولا تكييفها كذلك.. إن بواعث الجهاد في الإسلام ينبغي تلمسها في طبيعة «الإسلام» ذاته، ودوره في هذه الأرض، وأهدافه العليا التي قررها الله وذكر الله أنه أرسل من أجلها هذا الرسول بهذه الرسالة، وجعله خاتم النبيين وجعلها خاتمة الرسالات..
إن هذا الدين إعلان عام لتحرير «الإنسان» في «الأرض» من العبودية للعباد- ومن العبودية لهواه أيضاً وهي من العبودية للعباد- وذلك بإعلان ألوهية الله وحده- سبحانه- وربوبيته للعالمين.. إن إعلان ربوبية الله وحده للعالمين معناها: الثورة الشاملة على حاكمية البشر في كل صورها وأشكالها وأنظمتها وأوضاعها والتمرد الكامل على كل وضع في أرجاء الأرض الحكم فيه للبشر بصورة من الصور.. أو بتعبير آخر مرادف:
الألوهية فيه للبشر في صورة من الصور.. ذلك أن الحكم الذي مرد الأمر فيه إلى البشر، ومصدر السلطات فيه هم البشر، هو تأليه للبشر، يجعل بعضهم لبعض أربابا من دون الله.. إن هذا الإعلان معناه انتزاع سلطان الله المغتصب ورده إلى الله وطرد المغتصبين له الذين يحكمون الناس بشرائع من عند أنفسهم فيقومون منهم مقام الأرباب ويقوم الناس منهم مقام العبيد.. إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض..
أو بالتعبير القرآني الكريم:
«وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ» ..
«إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ.. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ..» ..
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1433
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست