responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1381
ثم تمضي القصة في سياقها بعد الرجفة التي أخذت رجالات بني إسرائيل.. ولا يذكر السياق هنا ماذا كان من أمرهم بعد دعوات موسى- عليه السلام- وابتهالاته. ولكنا نعرف من سياق القصة في سور أخرى أن الله أحياهم بعد الرجفة، فعادوا إلى قومهم مؤمنين.
وقبل أن يمضي السياق هنا في حلقة جديدة، يقرر حقيقة عن قوم موسى.. أنهم لم يكونوا جميعاً ضالين:
«وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» ..
هكذا كانوا على عهد موسى، وهكذا كانت منهم طائفة تهدي بالحق وتحكم بالعدل من بعد موسى..
ومن هؤلاء من استقبلوا رسالة النبي الأمي في آخر الزمان بالقبول والاستسلام، لما يعرفونه عنها في التوراة التي كانت بين أيديهم على مبعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي أولهم الصحابي الجليل: عبد الله بن سلام رضي الله عنه. الذي كان يواجه يهود زمانه بما عندهم في التوراة عن النبي الأمي، وما عندهم كذلك من شرائع تصدقها شرائع الإسلام.
وبعد تقرير تلك الحقيقة تمضي القصة في أحداثها بعد الرجفة:
«وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ، فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً. قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ. وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى. كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ. وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ..
إنها رعاية الله ما زالت تظلل موسى وقومه- بعد أن كفروا فعبدوا العجل، ثم كفروا عن الخطيئة كما أمرهم الله، فتاب عليهم. وبعد أن طلبوا رؤية الله جهرة، فأَخذتهم الرجفة، ثم استجاب الله لدعاء موسى فأحياهم.. تتجلى هذه الرعاية في تنظيمهم حسب فروعهم في اثنتي عشرة أمة- أي جماعة كبيرة- ترجع كل جماعة منها إلى حفيد من حفداء جدهم يعقوب- وهو إسرائيل- وقد كانوا محتفظين بأنسابهم على الطريقة القبلية:
«وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً» ..
وتبدو في تخصيص عين تشرب منها كل جماعة وتعيينها لهم، فلا يعتدي بعضهم على بعض.
«وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ، فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً. قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ..»
وتبدو في تظليل الغمام لهم من شمس هذه الصحراء المحرقة وإنزال المن- وهو نوع من العسل البري- والسلوى، وهو طائر السماني وتيسيره لهم ضماناً لطعامهم بعد ضمان شرابهم:
«وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى» ..
وتبدو في إباحة كل هذه الطيبات لهم، حيث لم يكن قد حرم عليهم بعد شيء بسبب عصيانهم:
«كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ» ..
والرعاية واضحة في هذا كله ولكن هذه الجبلة ما تزال بعد عصية على الهدى والاستقامة كما يبدو من ختام هذه الآية التي تذكر كل هذه النعم وكل هذه الخوارق: من تفجير العيون لهم من الصخر بضربة من عصا موسى. ومن تظليل الغمام لهم في الصحراء الجافة. ومن تيسير الطعام الفاخر من المن والسلوى:
«وَما ظَلَمُونا، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ..
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست