responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 722
العبارات. ويؤديه الأداء.. منهج التربية للنفس البشرية والمجتمعات البشرية- ومحتويات هذا المنهج وجوانبه الكثيرة [1] - ومنهج التنظيم للنشاط الإنساني للأفراد وللمجتمع الذي يضم الأفراد- وشتى الجوانب والملابسات التي تطرأ في حياة المجتمعات البشرية على توالي الأجيال- ومنهج التقويم للإدراك البشري ذاته وتناول شتى قواه وطاقاته وإعمالها معاً في عملية الإدراك! - ومنهج التنسيق بين الكائن الإنساني بجملته- في جميع مجتمعاته وأجياله ومستوياته- وبين هذا الكون الذي يعيش فيه ثم بين دنياه وآخرته وما يشتجر في العلاقة بينهما من ملابسات لا تحصى في عالم كل فرد وفي عالم «الإنسان» وهو يعيش في هذا الكون بشكل عام..
وإذا كان الفارق بين صنعة الله وصنعة الإنسان واضحاً كل الوضوح في جانب التعبير اللفظي والأداء الفني، فإنه أوضح من ذلك في جانب التفكير والتنظيم والتشريع. فما من نظرية بشرية، وما من مذهب بشري، إلا وهو يحمل الطابع البشري.. جزئية النظر والرؤية.. والتأثر الوقتي بالمشكلات الوقتية.. وعدم رؤية المتناقضات في النظرية أو المذهب أو الخطة التي تؤدي إلى الاصطدام بين مكوّناتها- إن عاجلاً وإن آجلاً- كما تؤدي إلى إيذاء بعض الخصائص في الشخصية البشرية الواحدة التي لم يحسب حساب بعضها أو في مجموعة الشخصيات الذين لم يحسب حساب كل واحدة منها.. إلى عشرات ومئات من النقائص والاختلاف، الناشئة من طبيعة الإدراك البشري المحدود، ومن الجهل البشري بما وراء اللحظة الحاضرة، فوق جهله بكل مكونات اللحظة الحاضرة- في أية لحظة حاضرة! - وعكس ذلك كله هو ما يتسم به المنهج القرآني الشامل المتكامل، الثابت الأصول ثبات النواميس الكونية الذي يسمح بالحركة الدائمة- مع ثباته- كما تسمح بها النواميس الكونية! وتدبر هذه الظاهرة، في آفاقها هذه، قد لا يتسنى لكل إدراك، ولا يتسنى لكل جيل. بل المؤكد أن كل إدراك سيتفاوت مع الآخر في إدراكها وكل جيل سيأخذ بنصيبه في إدراكها ويدع آفاقاً منها للأجيال المترقية، في جانب من جوانب المعرفة أو التجربة.. إلا أنه يتبقى من وراء كل الاختلاف البشري الكثير في إدراك هذه الظاهرة- كاختلافه الكثير في كل شيء آخر! - بقية يلتقي عليها كل إدراك، ويلتقي عليها كل جيل..
وهي أن هذه الصنعة شيء وصنعة البشر شيء آخر. وأنه لا اختلاف في هذه الصنعة ولا تفاوت، وإنما وحدة وتناسق.. ثم يختلف الناس بعد ذلك ما يختلفون في إدراك آماد وآفاق وأبعاد وأنواع ذلك التناسق! [2] .
وإلى هذا القدر الذي لا يخطئه متدبر- حين يتدبر- يكل الله تلك الطائفة، كما يكل كل أحد، وكل جماعة، وكل جيل. وإلى هذا القدر من الإدراك المشترك يكل إليهم الحكم على هذا القرآن وبناء اعتقادهم في أنه من عند الله. ولا يمكن أن يكون من عند غير الله.
ويحسن أن نقف هنا وقفة قصيرة، لتحديد مجال الإدراك البشري في هذا الأمر وفي أمر الدين كله. فلا يكون هذا التكريم الذي كرمه الله للإنسان بهذا التحكيم، سبيلاً إلى الغرور، وتجاوز الحد المأمون والانطلاق من السياج الحافظ من المضي في التيه بلا دليل! إن مثل هذه التوجيهات في القرآن الكريم يساء إدراكها، وإدراك مداها. فيذهب بها جماعة من المفكرين الإسلاميين- قديماً وحديثاً- إلى إعطاء الإدراك البشري سلطة الحكم النهائية في أمر الدين كله. ويجعلون منه

[1] يراجع كتاب: «منهج التربية الإسلامية» محمد قطب. «دار الشروق» .
[2] يراجع كتاب: «خصائص التصور الإسلامي ومقوماته» . وكتاب: «الإسلام ومشكلات الحضارة» وكتاب: «هذا الدين» فكل منها يتناول جانبا من جوانب هذه الحقيقة الكبيرة. «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 722
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست