responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 690
الملابسات والظواهر. وأخيراً فإن الأمر بهما يصدر عن السميع البصير بكل الأمور.
وبعد فالأمانة والعدل.. ما مقياسهما؟ ما منهج تصورهما وتحديدهما وتنفيذهما؟ في كل مجال في الحياة، وفي كل نشاط للحياة؟
أنترك مدلول الأمانة والعدل ووسائل تطبيقهما وتحقيقهما إلى عرف الناس واصطلاحهم؟ وإلى ما تحكم به عقولهم- أو أهواؤهم؟
إن للعقل البشري وزنه وقيمته بوصفه أداة من أدوات المعرفة والهداية في الإنسان.. هذا حق.. ولكن هذا العقل البشري هو عقل الأفراد والجماعات في بيئة من البيئات، متأثراً بشتى المؤثرات.. ليس هناك ما يسمى «العقل البشري» كمدلول مطلق! إنما هناك عقلي وعقلك، وعقل فلان وعلان، وعقول هذه المجموعة من البشر، في مكان ما وفي زمان ما.. وهذه كلها واقعة تحت مؤثرات شتى تميل بها من هنا، وتميل بها من هناك..
ولا بد من ميزان ثابت، ترجع إليه هذه العقول الكثيرة فتعرف عنده مدى الخطأ والصواب في أحكامها وتصوراتها. ومدى الشطط والغلو، أو التقصير والقصور في هذه الأحكام والتصورات. وقيمة العقل البشري هنا هو أنه الأداة المهيأة للإنسان، ليعرف بها وزن أحكامه في هذا الميزان.. الميزان الثابت، الذي لا يميل مع الهوى، ولا يتأثر بشتى المؤثرات..
ولا عبرة بما يضعه البشر أنفسهم من موازين.. فقد يكون الخلل في هذه الموازين ذاتها. فتختل جميع القيم.. ما لم يرجع الناس إلى ذلك الميزان الثابت القويم.
والله يضع هذا الميزان للبشر، للأمانة والعدل، ولسائر القيم، وسائر الأحكام، وسائر أوجه النشاط، في كل حقل من حقول الحياة:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، وَأُولِي الْأَمْرِ.. مِنْكُمْ.. فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ، فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا» ..
وفي هذا النص القصير يبين الله- سبحانه- شرط الإيمان وحد الإسلام. في الوقت الذي يبين فيه قاعدة النظام الأساسي في الجماعة المسلمة وقاعدة الحكم، ومصدر السلطان.. وكلها تبدأ وتنتهي عند التلقي من الله وحده والرجوع إليه فيما لم ينص عليه نصا، من جزئيات الحياة التي تعرض في حياة الناس على مدى الأجيال مما تختلف فيه العقول والآراء والأفهام.. ليكون هنالك الميزان الثابت، الذي ترجع إليه العقول والآراء والأفهام! إن «الحاكمية» لله وحده في حياة البشر- ما جل منها وما دق، وما كبر منها وما صغر- والله قد سن شريعة أودعها قرآنه. وأرسل بها رسولاً يبينها للناس. ولا ينطق عن الهوى. فسنته- صلى الله عليه وسلم- من ثم شريعة من شريعة الله.
والله واجب الطاعة. ومن خصائص ألوهيته أن يسن الشريعة. فشزيعته واجبة التنفيذ. وعلى الذين آمنوا أن يطيعوا الله- ابتداء- وأن يطيعوا الرسول- بما له من هذه الصفة. صفة الرسالة من الله- فطاعته إذن من طاعة الله، الذي أرسله بهذه الشريعة، وببيانها للناس في سنته.. وسنته وقضاؤه- على هذا- جزء من الشريعة واجب النفاذ.. والإيمان يتعلق- وجوداً وعدماً- بهذه الطاعة وهذا التنفيذ- بنص القرآن:
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 690
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست