responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 683
«أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ؟ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً! أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ؟ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً» ..
يا عجباً! إنهم لا يطيقون أن ينعم الله على عبد من عباده بشيء من عنده.. فهل هم شركاؤه- سبحانه! - هل لهم نصيب في ملكه، الذي يمنح منه ويفيض؟ لو كان لهم نصيب لضنوا- بكزازتهم وشحهم- أن يعطوا الناس نقيراً.. والنقير النقرة تكون في ظهر النواة- وهذه لا تسمح كزازة يهود وأثرتها البغيضة أن تعطيها للناس، لو كان لها في الملك نصيب! والحمد لله أن ليس لها في الملك نصيب.. وإلا لهلك الناس جميعاً وهم لا يعطون حتى النقير!!! أم لعله الحسد.. حسد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، على ما آتاهم الله من فضله.. من هذا الدين الذي أنشأهم نشأة أخرى ووهب لهم ميلاداً جديداً، وجعل لهم وجوداً إنسانيا متميزاً ووهبهم النور والثقة والطمأنينة واليقين كما وهبهم النظافة والطهر، مع العز والتمكين؟
وإنه فعلاً للحسد من يهود. مع تفويت أطماعها في السيادة الأدبية والاقتصادية على العرب الجاهلين المتفرقين المتخاصمين.. يوم أن لم يكن لهم دين..
ولكن لماذا يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله من النبوة والتمكين في الأرض؟ وهم غارقون في فضل الله من عهد إبراهيم.. الذي آتاه الله وآله الكتاب والحكمة- وهي النبوة- وآتاهم الملك كذلك والسيادة.
وهم لم يرعوا الفضل ولم يحتفظوا بالنعمة، ولم يصونوا العهد القديم، بل كان منهم فريق من غير المؤمنين.
ومن يؤت هذا الفضل كله لا يليق أن يكون منهم جاحدون كافرون! «فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ» .
إنه لمن أَلأم الحسد: أن يحسد ذو النعمة الموهوب! لقد يحسد المحروم ويكون الحسد منه رذيلة! أما أن يحسد الواجد المغمور بالنعمة، فهذا هو الشر الأصيل العميق! شر يهود! المتميز الفريد! ومن ثم يكون التهديد بالسعير، هو الجزاء المقابل لهذا الشر النكير:
«وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً» ..
وعند ما يبلغ السياق هذا المقطع من ذكر الإيمان والصدود عن الإيمان في آل إبراهيم، يعقب بالقاعدة الشاملة للجزاء. جزاء المكذبين، وجزاء المؤمنين.. هؤلاء وهؤلاء أجمعين.. في كل دين وفي كل حين ويعرض هذا الجزاء في صورة مشهد من مشاهد القيامة العنيفة الرعيبة:
«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً، كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً، لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ، وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا» ..
... «كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ» ...
إنه مشهد لا يكاد ينتهي. مشهد شاخص متكرر. يشخص له الخيال، ولا ينصرف عنه! إنه الهول. وللهول جاذبية آسرة قاهرة! والسياق يرسم ذلك المشهد ويكرره بلفظ واحد.. «كلما» .. ويرسمه كذلك عنيفاً مفزعاً بشطر جملة.. «كلما نضجت جلودهم» .. ويرسمه عجيباً خارقاً للمألوف بتكملة الجملة.. «بَدَّلْناهُمْ
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 2  صفحه : 683
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست