responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 184
لا.. ليس هذا هو الذي تعنيه! فهذه نظرية ليست نهائية. وهناك عدة نظريات عن نشأة الأرض في مثل مستواها من ناحية الإثبات العلمي! أما الحقيقة القرآنية فهي نهائية ومطلقة. وهي تحدد فقط أن الأرض فصلت عن السماء.. كيف؟ ما هي السماء التي فصلت عنها؟ هذا ما لا تتعرض له الآية.. ومن ثم لا يجوز أن يقال عن أي فرض من الفروض العلمية في هذا الموضوع: إنه المدلول النهائي المطابق للآية! وحسبنا هذا الاستطراد بهذه المناسبة، فقد أردنا به إيضاح المنهج الصحيح في الانتفاع بالكشوف العلمية في توسيع مدلول الآيات القرآنية وتعميقها، دون تعليقها بنظرية خاصة أو بحقيقة علمية خاصة تعليق تطابق وتصديق.. وفرق بين هذا وذاك.
ثم نعود إلى النص القرآني:
«وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها. وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى، وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» ..
والارتباط بين شطري الآية يبدو أنه هو المناسبة بين أن الأهلة هي مواقيت للناس والحج، وبين عادة جاهلية خاصة بالحج هي التي يشير إليها شطر الآية الثاني.. في الصحيحين- بإسناده- عن البراء- رضي الله عنه- قال: «كان الأنصار إذا حجوا فجاءوا لم يدخلوا من قبل أبواب البيوت، فجاء رجل منهم فدخل من قبل بابه، فكأنه عير بذلك. فنزلت: «وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها» ..
ورواه أبو داود عن شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: كانت الأنصار إذا قدموا من سفرهم لم يدخل الرجل من قبل بابه.. فنزلت هذه الآية.
وسواء كانت هذه عادتهم في السفر بصفة عامة، أو في الحج بصفة خاصة وهو الأظهر في السياق، فقد كانوا يعتقدون أن هذا هو البر- أي الخير أو الإيمان- فجاء القرآن ليبطل هذا التصور الباطل، وهذا العمل المتكلف الذي لا يستند إلى أصل، ولا يؤدي إلى شيء. وجاء يصحح التصور الإيماني للبر.. فالبر هو التقوى.
هو الشعور بالله ورقابته في السر والعلن. وليس شكلية من الشكليات التي لا ترمز إلى شيء من حقيقة الإيمان.
ولا تعني أكثر من عادة جاهلية.
كذلك أمرهم بأن يأتوا البيوت من أبوابها. وكرر الإشارة إلى التقوى، بوصفها سبيل الفلاح:
«وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» ..
وبهذا ربط القلوب بحقيقة إيمانية أصيلة- هي التقوى- وربط هذه الحقيقة برجاء الفلاح المطلق في الدنيا والآخرة وأبطل العادة الجاهلية الفارغة من الرصيد الإيماني، ووجه المؤمنين إلى إدراك نعمة الله عليهم في الأهلة التي جعلها الله مواقيت للناس والحج.. كل ذلك في آية واحدة قصيرة..
190- بعد ذلك يجيء بيان عن القتال بصفة عامة، وعن القتال عند المسجد الحرام وفي الأشهر الحرم بصفة خاصة، كما تجيء الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله، وهي مرتبطة بالجهاد كل الارتباط:
«وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ،
نام کتاب : في ظلال القران نویسنده : سيد قطب    جلد : 1  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست