responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 485
لِسَجِينٍ مَا هُوَ؟ كَذَا قَالَ. قَالَ الضَّحَّاكُ: مَرْقُومٌ: مَخْتُومٌ بِلُغَةِ حِمْيَرَ، وَأَصْلُ الرَّقْمِ الْكِتَابَةُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
سَأَرْقُمُ بِالْمَاءِ الْقُرَاحِ [1] إِلَيْكُمُ ... عَلَى بعد كم إِنْ كَانَ لِلْمَاءِ رَاقِمُ
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَالْمَعْنَى: وَيْلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّكْذِيبُ بِالْبَعْثِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ فَقَالَ: الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالْمَوْصُولُ صِفَةٌ لِلْمُكَذِّبِينَ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ أَيْ: فَاجِرٍ جَائِرٍ، مُتَجَاوِزٍ فِي الْإِثْمِ، مُنْهَمِكٍ فِي أَسْبَابِهِ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا الْمُنَزَّلَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أَيْ: أَحَادِيثُهُمْ وَأَبَاطِيلُهُمُ الَّتِي زَخْرَفُوهَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ إِذَا «تُتْلَى» بِفَوْقِيَّتَيْنِ.
وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَأَبُو السّمّال وَالْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ وَالسُّلَمِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: كَلَّا لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ لِلْمُعْتَدِي الْأَثِيمِ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْبَاطِلِ وَتَكْذِيبٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ: بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ بَيَانٌ لِلسَّبَبِ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الْقُرْآنَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ: غَلَبَ عَلَيْهَا رَيْنًا وَرُيُونًا، وَكُلُّ مَا غَلَبَكَ وَعَلَاكَ فَقَدْ ران بك عَلَيْكَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ أَنَّهَا كَثُرَتْ مِنْهُمُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبُ فَأَحَاطَتْ بِقُلُوبِهِمْ، فَذَلِكَ الرَّيْنُ عَلَيْهَا. قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَّى يَعْمَى الْقَلْبُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: الْقَلْبُ مِثْلُ الْكَفِّ، وَرَفَعَ كَفَّهُ، فَإِذَا أَذْنَبَ انْقَبَضَ، وَضَمَّ أُصْبُعَهُ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ انْقَبَضَ، وَضَمَّ أُخْرَى حَتَّى ضَمَّ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، حَتَّى يُطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ. قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الرَّيْنُ. ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: قَدْ رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ وَلَا قِبَلَ لَهُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ: الرين: أن يسودّ القلب من الذنوب، والطّيع: أَنْ يُطْبَعَ عَلَى الْقَلْبِ، وَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الرَّيْنِ، وَالْإِقْفَالُ: أَشَدُّ مِنَ الطَّبْعِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الرَّيْنُ هُوَ كَالصَّدَأِ يَغْشَى الْقَلْبَ كَالْغَيْمِ الرَّقِيقِ، وَمِثْلُهُ الْغَيْنُ. ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ الرَّدْعَ وَالزَّجْرَ فَقَالَ: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ وَقِيلَ: كَلَّا بِمَعْنَى حَقًّا، أَيْ: حَقًّا إِنَّهُمْ، يَعْنِي الْكُفَّارَ، عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَرَوْنَهُ أَبَدًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي أَنَّهُمْ بَعْدَ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ نَظَرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى رَبِّهِمْ. قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: كَمَا حَجَبَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَنْ تَوْحِيدِهِ حَجَبَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَنْ رُؤْيَتِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُرَى فِي الْقِيَامَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَائِدَةٌ. وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ- إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [2] فَأَعْلَمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُونَ، وَأَعْلَمَ أَنَّ الْكُفَّارَ مَحْجُوبُونَ عَنْهُ. وَقِيلَ: هُوَ تَمْثِيلٌ لِإِهَانَتِهِمْ بِإِهَانَةِ مَنْ يُحْجَبُ عَنِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُلُوكِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: هُوَ أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ وَلَا يُزَكِّيَهِمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
مَحْجُوبُونَ عَنْ كَرَامَتِهِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ كيسان ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ أَيْ: دَاخِلُو النَّارِ وَمُلَازِمُوهَا غَيْرُ خَارِجِينَ منها، و «ثم» لِتَرَاخِي الرَّتَبَةِ لِأَنَّ صَلْيَ الْجَحِيمِ أَشَدُّ مِنَ الإهانة وحرمان الكرامة

[1] «القراح» : الماء الّذي لا ثقل فيه.
[2] القيامة: 22- 23.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست