responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 457
قَوْلُهُ: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ أَيْ: أَخَلْقُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَعْثُكُمْ أَشَدُّ عِنْدِكُمْ وَفِي تَقْدِيرِكُمْ أَمْ خَلْقُ السَّمَاءِ، وَالْخِطَابُ لِكُفَّارِ مَكَّةَ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ التَّوْبِيخُ لَهُمْ وَالتَّبْكِيتُ لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاءِ الَّتِي لَهَا هَذَا الْجَرْمُ الْعَظِيمُ وَفِيهَا مِنْ عَجَائِبِ الصُّنْعِ وَبَدَائِعِ الْقُدْرَةِ مَا هُوَ بَيِّنٌ لِلنَّاظِرِينَ كَيْفَ يَعْجَزُ عَنْ إِعَادَةِ الْأَجْسَامِ الَّتِي أَمَاتَهَا بَعْدَ أَنْ خَلَقَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ؟ وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [1] وَقَوْلُهُ: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ [2] ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ كَيْفِيَّةَ خَلْقِ السَّمَاءِ فَقَالَ: بَناها- رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها أَيْ: جَعَلَهَا كَالْبِنَاءِ الْمُرْتَفِعِ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَرَفَعَ سَمْكَهَا، أَيْ: أَعْلَاهُ فِي الْهَوَاءِ، فَقَوْلُهُ: رَفَعَ سَمْكَها بَيَانٌ لِلْبِنَاءِ، يُقَالُ سَمَكْتُ الشَّيْءَ، أَيْ: رَفَعْتُهُ فِي الْهَوَاءِ، وَسَمُكَ الشَّيْءُ سُمُوكًا: ارْتَفَعَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كُلُّ شَيْءٍ حَمَلَ شَيْئًا مِنَ الْبِنَاءِ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ سَمْكٌ، وَبِنَاءٌ مَسْمُوكٌ، وَسَنَامٌ سَامِكٌ، أَيْ: عال، والمسموكات: السَّمَاوَاتُ: وَمِنْهُ قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ
قَالَ الْبَغَوِيُّ: رَفَعَ سَمْكَها أَيْ: سَقْفَهَا. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ:
أَمِ السَّماءُ بَناها لِأَنَّهُ مِنْ صِلَةِ السَّمَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَمِ السَّمَاءُ الَّتِي بَنَاهَا، فَحَذَفَ الَّتِي، وَمِثْلُ هَذَا الْحَذْفِ جَائِزٌ. وَمَعْنَى فَسَوَّاها فَجَعَلَهَا مُسْتَوِيَةَ الْخَلْقِ مُعَدَّلَةَ الشَّكْلِ لَا تَفَاوُتَ فِيهَا وَلَا اعْوِجَاجَ وَلَا فُطُورَ وَلَا شُقُوقَ وَأَغْطَشَ لَيْلَها الْغَطْشُ: الظُّلْمَةُ، أَيْ: جَعَلَهُ مُظْلِمًا، يُقَالُ: غَطَشَ اللَّيْلُ وَأَغْطَشَهُ اللَّهُ، كَمَا يُقَالُ: أَظْلَمَ اللَّيْلُ وَأَظْلَمَهُ اللَّهُ، وَرَجُلٌ أَغْطَشٌ وَامْرَأَةٌ غَطْشَى لَا يَهْتَدِيَانِ. قَالَ الرَّاغِبُ: وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَغْطَشِ، وَهُوَ الَّذِي فِي عَيْنِهِ عَمَشٌ، وَمِنْهُ فَلَاةٌ غَطْشَى لَا يُهْتَدَى فِيهَا [3] ، وَالتَّغَاطُشُ: التَّعَامِي. قَالَ الأعشى:
ويهماء باللّيل غطشى الفلا ... ة يؤنسني صوت فيادها «4»
وَقَوْلُهُ:
وَغَامِرُهُمْ مُدْلَهِمٌّ غَطِشْ «5»
يَعْنِي: غَمَرَهُمْ سَوَادُ اللَّيْلِ، وَأَضَافَ اللَّيْلَ إِلَى السَّمَاءِ لِأَنَّ اللَّيْلَ يَكُونُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَالشَّمْسُ مُضَافَةٌ إِلَى السَّمَاءِ وَأَخْرَجَ ضُحاها أَيْ: أَبْرَزَ نَهَارَهَا الْمُضِيءَ بِإِضَاءَةِ الشمس، وعبّر عن النهار بالضحى لأنه

[1] غافر: 57.
[2] يس: 81.
[3] في تفسير القرطبي: لها.
(4) . «الفياد» : ذكر البوم.
(5) . وصدر البيت: عقرت لهم موهنا ناقتي.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست