responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 324
وَالزَّرْعِ، وَانْتِصَابُ مُصْبِحِينَ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ لِيَصْرِمُنَّهَا، وَالْكَافُ فِي كَما بَلَوْنا نَعْتُ مَصْدَرٍ محذوف، أي: بلوناهم ابتلاء كما بلونا، وما مَصْدَرِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي، وَ «إِذْ» ظَرْفٌ لبلونا منتصب به، وليصرمنها جَوَابُ الْقَسَمِ وَلا يَسْتَثْنُونَ يَعْنِي: وَلَا يَقُولُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ، أَوْ حَالٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَلَا يَسْتَثْنُونَ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يَدْفَعُهُ أَبُوهُمْ إِلَيْهِمْ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ أَيْ: طَافَ عَلَى تِلْكَ الْجَنَّةِ طَائِفٌ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالطَّائِفُ قِيلَ: هُوَ نَارٌ أَحْرَقَتْهَا حَتَّى صَارَتْ سَوْدَاءَ، كَذَا قَالَ مُقَاتِلٌ. وَقِيلَ: الطَّائِفُ جِبْرِيلُ اقْتَلَعَهَا، وَجُمْلَةُ وَهُمْ نائِمُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ أَيْ: كَالشَّيْءِ الَّذِي صُرِمَتْ ثِمَارُهُ، أَيْ: قُطِعَتْ، فعيل بمعنى مفعول، وقال الفرّاء: كالصريم الْمُظْلِمِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ الْجَوْنُ الصَّرِيمُ ... فَمَا يَنْجَابُ عَنْ صُبْحٍ بَهِيمِ
وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا حُرِقَتْ فَصَارَتْ كَاللَّيْلِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: وَالصَّرِيمُ: الرَّمَادُ الْأَسْوَدُ بِلُغَةِ خُزَيْمَةَ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: أَيْ كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ، يَعْنِي أَنَّهَا يَبِسَتْ وَابْيَضَّتْ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الصَّرِيمُ: اللَّيْلُ، وَالصَّرِيمُ:
النَّهَارُ، أَيْ: يَنْصَرِمُ هَذَا عَنْ هَذَا، وَذَاكَ عَنْ هَذَا، وَقِيلَ: سُمِّيَ اللَّيْلُ صَرِيمًا لِأَنَّهُ يَقْطَعُ بِظُلْمَتِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ.
وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: الصَّرِيمُ: الرَّمْلَةُ لِأَنَّهَا لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: صُرِمَ مِنْهَا الْخَيْرُ، أَيْ: قُطِعَ فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَيْ: نَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا دَاخِلِينَ فِي الصَّبَاحِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ بعضهم لبعض أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ وأَنِ فِي قَوْلِهِ: أَنِ اغْدُوا هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِأَنَّ فِي التَّنَادِي مَعْنَى الْقَوْلِ، أَوْ هِيَ الْمَصْدَرِيَّةُ، أَيْ: بِأَنْ اغْدُوا، وَالْمُرَادُ اخْرُجُوا غُدْوَةً، وَالْمُرَادُ بِالْحَرْثِ: الثِّمَارُ وَالزَّرْعُ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ أَيْ: قَاصِدِينَ لِلصَّرْمِ، وَالْغُدُوِّ يَتَعَدَّى بِإِلَى وَعَلَى، فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى الْإِقْبَالِ كَمَا قِيلَ: وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَاغْدُوا، وَقِيلَ، مَعْنَى صَارِمِينَ مَاضِينَ فِي الْعَزْمِ، مِنْ قَوْلِكَ سَيْفٌ صَارِمٌ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أَيْ: ذَهَبُوا إِلَى جَنَّتِهِمْ وَهُمْ يُسِرُّونَ الْكَلَامَ بَيْنَهُمْ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَحَدٌ بِهِمْ، يُقَالُ: خَفَتَ يخفت إذا سكن ولم يبين، وَمِنْهُ قَوْلُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةَ:
وَإِنِّي لَمْ أهلك سلالا ولم أمت ... خفاتا وكلّا ظنّه بي عوّدي
وَقِيلَ: الْمَعْنَى: يُخْفُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَرَوْهُمْ، فَيَقْصِدُوهُمْ كَمَا كَانُوا يَقْصِدُونَ أَبَاهُمْ وَقْتَ الْحَصَادِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ: أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ فَإِنَّ «أَنْ» هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِلتَّخَافُتِ الْمَذْكُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْقَوْلِ. وَالْمَعْنَى: يُسِرُّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَذَا الْقَوْلَ، وَهُوَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الْجَنَّةَ الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ، فَيَطْلُبُ مِنْكُمْ أَنْ تُعْطُوهُ مِنْهَا مَا كَانَ يُعْطِيهِ أَبُوكُمْ وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ الْحَرْدُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَالْقَصْدِ. قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: الْحَرْدُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَصْدِ لِأَنَّ الْقَاصِدَ إِلَى الشَّيْءِ حَارِدٌ، يُقَالُ: حَرَدَ يَحْرِدُ إِذَا قَصَدَ، تَقُولُ: حَرَدْتُ حَرْدَكَ، أَيْ: قَصَدْتُ قَصْدَكَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست