responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 316
الْكَآبَةُ، وَغَشِيَتْهَا الذِّلَّةُ، يُقَالُ: سَاءَ الشَّيْءُ يَسُوءُ فهم سَيِّئٌ إِذَا قَبُحَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى تَبَيَّنَ فِيهَا السُّوءُ، أَيْ: سَاءَهُمْ ذَلِكَ الْعَذَابُ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِهِ فِي وُجُوهِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِمْ كَقَوْلِهِ: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [1] . قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ السِّينِ بِدُونِ إِشْمَامٍ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالْإِشْمَامِ وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أَيْ: قِيلَ لَهُمْ تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا هَذَا الْمُشَاهَدُ الْحَاضِرُ مِنَ الْعَذَابِ هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ فِي الدُّنْيَا: أَيْ تَطْلُبُونَهُ وَتَسْتَعْجِلُونَ بِهِ اسْتِهْزَاءً، عَلَى أَنَّ مَعْنَى تَدَّعُونَ الدُّعَاءُ.
قَالَ الفراء: تفتعلون مِنَ الدُّعَاءِ، أَيْ: تَتَمَنَّوْنَ وَتَسْأَلُونَ، وَبِهَذَا قَالَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ الْأَبَاطِيلَ وَالْأَحَادِيثَ. وَقِيلَ: مَعْنَى تَدَّعُونَ: تَكْذِبُونَ، وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ:
«تَدَّعُونَ» بِالتَّشْدِيدِ، فَهُوَ إِمَّا مِنَ الدُّعَاءِ كَمَا قَالَ الْأَكْثَرُ، أَوْ مِنَ الدَّعْوَى كَمَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَالْمَعْنَى:
أَنَّهُمْ كَانُوا يَدَّعُونَ أَنَّهُ لَا بَعْثَ وَلَا حَشْرَ وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ. وَقَرَأَ قَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبُ والضحاك:
تدعون مخففا، ومعناها ظاهر. وقال قَتَادَةَ: هُوَ قَوْلُهُمْ: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا [2] وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ قَوْلُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ [3] الآية. قال النحاس: تدّعون تدعون بمعنى واحد، كما تقول: قدر واقتدر، وعدى واعتدى، إلا أنّ افتعل مَعْنَاهُ مَضَى شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَفِعْلٌ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَيْ: أَخْبِرُونِي إِنْ أَهْلَكَنِي الله بموت أو قتل، ومن معي من المؤمنين أَوْ رَحِمَنا بتأخير ذلك إلى أجل، وقيل المعنى: إِنْ أَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي بِالْعَذَابِ، أَوْ رَحِمَنَا، فَلَمْ يُعَذِّبْنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ أَيْ: فَمَنْ يَمْنَعُهُمْ وَيُؤَمِّنُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يُنْجِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ أحد سواء أهلك الله الرسول وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ كَمَا كَانَ الْكُفَّارُ يَتَمَنَّوْنَهُ، أَوْ أَمْهَلَهُمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى إِنَّا مَعَ إِيمَانِنَا بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، فَمَنْ يُجِيرُكُمْ مَعَ كُفْرِكُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وَوَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ السَّبَبُ فِي عَدَمِ نَجَاتِهِمْ قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَحْدَهُ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا لَا عَلَى غَيْرِهِ، وَالتَّوَكُّلُ: تَفْوِيضُ الْأُمُورِ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ مَعَ إِخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الْإِنْصَافِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «سَتَعْلَمُونَ» بِالْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى الْخَبَرِ، ثُمَّ احْتَجَّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِبَعْضِ نِعَمِهِ، وَخَوَّفَهُمْ بِسَلْبِ تِلْكَ النِّعْمَةِ عَنْهُمْ فَقَالَ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً أَيْ: أَخْبِرُونِي إِنْ صَارَ مَاؤُكُمْ غَائِرًا فِي الْأَرْضِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهُ وُجُودٌ فِيهَا أَصْلًا، أَوْ صَارَ ذَاهِبًا فِي الْأَرْضِ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهُ الدِّلَاءُ. يُقَالُ: غَارَ الْمَاءُ غَوْرًا، أَيْ: نَضَبَ، وَالْغَوْرُ: الْغَائِرُ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ عَدْلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ أَيْ: ظَاهِرٍ تَرَاهُ الْعُيُونُ، وَتَنَالُهُ الدِّلَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ مَعَنَ الْمَاءُ، أَيْ: كَثُرَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: أَيْ جَارَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْمَعِينِ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِ. وَقَرَأَ ابْنُ عباس: «فمن يأتيكم بماء عذب» .

[1] آل عمران: 106.
[2] ص: 16.
[3] الأنفال: 32. [.....]
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست