responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 243
وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ عَلَى عَدِوِّكُمْ. ثُمَّ كَذَّبَهُمْ سُبْحَانَهُ فَقَالَ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ وَالنُّصْرَةِ لَهُمْ. ثُمَّ لَمَّا أَجَمَلَ كَذِبَهُمْ فِيمَا وَعَدُوا بِهِ فَصَّلَ مَا كَذَبُوا فِيهِ فَقَالَ:
لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَقَدْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَخْرُجُوا مَعَ مَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْيَهُودِ وَهُمْ بَنُو النَّضِيرِ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَلَمْ يَنْصُرُوا مَنْ قُوتِلَ مِنَ الْيَهُودِ وَهُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَأَهْلُ خَيْبَرَ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ أَيْ: لَوْ قُدِّرَ وُجُودُ نَصْرِهِمْ إِيَّاهُمْ لِأَنَّ مَا نَفَاهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ وُجُودُهُ، قَالَ الزَّجَّاجُ:
مَعْنَاهُ لَوْ قَصَدُوا نَصْرَ الْيَهُودِ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ مُنْهَزِمِينَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ يَعْنِي الْيَهُودَ لَا يَصِيرُونَ مَنْصُورِينَ إِذَا انْهَزَمَ نَاصِرُهُمْ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَقِيلَ: يَعْنِي لَا يَصِيرُ الْمُنَافِقُونَ مَنْصُورِينَ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ يُذِلُّهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْفَعُهُمْ نِفَاقُهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَنْصُرُونَهُمْ طَائِعِينَ، وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ مُكْرَهِينَ لِيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ، وَقِيلَ:
مَعْنَى «لَا يَنْصُرُونَهُمْ» : لَا يَدُومُونَ عَلَى نَصْرِهِمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [1] لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ أَيْ: لَأَنْتَمْ يَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أَشَدُّ خَوْفًا وَخَشْيَةً فِي صُدُورِ الْمُنَافِقِينَ، أَوْ صُدُورِ الْيَهُودِ، أَوْ صُدُورِ الْجَمِيعِ مِنَ اللَّهِ، أَيْ: مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ، وَالرَّهْبَةُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْهُوبِيَّةِ، لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ مِنَ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، وَانْتِصَابُهَا عَلَى التَّمْيِيزِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ أَيْ:
مَا ذُكِرَ مِنَ الرَّهْبَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِسَبَبِ عَدَمِ فِقْهِهِمْ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءَ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ فِقْهٌ لَعَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَكُمْ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالرَّهْبَةِ مِنْهُ دُونَكُمْ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِمَزِيدِ فَشَلِهِمْ وَضَعْفِ نِكَايَتِهِمْ، فَقَالَ:
لَا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً يَعْنِي لَا يَبْرُزُ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ مُجْتَمِعِينَ لِقِتَالِكُمْ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ بِالدُّرُوبِ وَالدُّورِ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ، أَيْ: مِنْ خَلْفِ الْحِيطَانِ الَّتِي يَسْتَتِرُونَ بِهَا لِجُبْنِهِمْ وَرَهْبَتِهِمْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ جُدُرٍ بِالْجَمْعِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو جِدَارٍ بِالْإِفْرَادِ. وَاخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِقَوْلِهِ «قُرًى مُحَصَّنَةٍ» . وَقَرَأَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ جُدُرٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِّ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الْجِدَارِ. بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ أَيْ:
بعضهم غليظ فظّ على بعض، وقلوبهم مختلفة، ونباتهم متباينة. قال السدّي: المراد اختلاف قلوبهم حيث لا يتفقون عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ بِالْكَلَامِ وَالْوَعِيدِ: لِيَفْعَلُنَّ كَذَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ إِذَا انْفَرَدُوا نَسَبُوا أَنْفُسَهُمْ إِلَى الشِّدَّةِ وَالْبَأْسِ، وَإِذَا لَاقُوا عَدُوًّا ذَلُّوا وَخَضَعُوا وَانْهَزَمُوا، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّ بَأْسَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَقْرَانِهِمْ شَدِيدٌ، وَإِنَّمَا ضَعْفُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْكُمْ لِمَا قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ:
تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ مَعَ تَخَالُفِ قُلُوبِهِمْ فِي الْبَاطِنِ، وَهَذَا التَّخَالُفُ هُوَ الْبَأْسُ الَّذِي بَيْنَهُمُ الْمَوْصُوفُ بِالشِّدَّةِ، وَمَعْنَى شَتَّى: مُتَفَرِّقَةٌ، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي الْيَهُودَ وَالْمُنَافِقِينَ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: الْمُرَادُ الْمُنَافِقُونَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: هُمُ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ. قَالَ قَتَادَةَ: «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا» أَيْ: مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ وَرَأْيٍ، وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى مُتَفَرِّقَةٌ، فأهل

[1] الأنعام: 28.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست