responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 23
يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَحْسَنِ الْحَسَنُ، كَقَوْلِهِ: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ [1] وَقِيلَ: إِنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ عَلَى مَعْنَاهُ، وَيُرَادُ بِهِ مَا يُثَابُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَعْمَالِ، لَا مَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ كَالْمُبَاحِ فَإِنَّهُ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِأَحْسَنَ وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فَلَا نعاقبهم عليها. قرأ الجمهور: «يتقبل ويتجاوز» عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلَيْنِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالنُّونِ فِيهِمَا عَلَى إِسْنَادِهِمَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالتَّجَاوُزُ: الْغُفْرَانُ، وَأَصْلُهُ مِنْ جُزْتَ الشَّيْءَ إِذَا لَمْ تَقِفْ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ كَائِنُونَ فِي عِدَادِهِمْ مُنْتَظِمُونَ فِي سِلْكِهِمْ، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، كَقَوْلِكَ: أَكْرَمَنِي الْأَمِيرُ فِي أَصْحَابِهِ، أَيْ: كَائِنًا فِي جُمْلَتِهِمْ، وَقِيلَ: إِنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ، أَيْ: مَعَ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُمَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ وَعْدَ الصِّدْقِ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ إِلَخْ فِي مَعْنَى الْوَعْدِ بِالتَّقَبُّلِ وَالتَّجَاوُزِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ:
وَعَدَهُمُ اللَّهُ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ بِهِ عَلَى أَلْسُنِ الرُّسُلِ فِي الدُّنْيَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَابْنُ جَرِيرٍ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيسَةَ الْيَهُودِ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَكَرِهُوا دُخُولَنَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ أَرُونِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْكُمْ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يَحُطُّ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ كُلِّ يَهُودِيٍّ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الْغَضَبَ الَّذِي عَلَيْهِ، فَسَكَتُوا فَمَا أَجَابَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثلاثا، فقال: أبيتم فو الله لَأَنَا الْحَاشِرُ، وَأَنَا الْعَاقِبُ، وَأَنَا الْمُقَفِّي آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُمْ» ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى كِدْنَا أَنْ نَخْرُجَ، فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَقَالَ: كَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ فَأَقْبَلَ، فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: أَيُّ رَجُلٍ تَعْلَمُونِي فِيكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ فِينَا رَجُلًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا أَفْقَهَ مِنْكَ وَلَا مِنْ أَبِيكَ وَلَا مِنْ جَدِّكَ، قَالَ: فَإِنِّي أَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، قَالُوا: كَذَبْتَ، ثُمَّ رَدُّوا عَلَيْهِ وَقَالُوا شَرًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَبْتُمْ لَنْ يُقْبَلَ مِنْكُمْ قَوْلُكُمْ» ، فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَابْنُ سَلَامٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ: لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. وَصَحَّحَهُ السُّيُوطِيُّ. وأخرج البخاري ومسلم وغير هما عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَفِيهِ نَزَلَتْ:
وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: نَزَلَ فِيَّ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ نَزَلَتْ فِيَّ: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَنَزَلَ فِيَّ: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [2] . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مردويه عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَقَدْ رُوِيَ نحو هذا عن جماعة

[1] الزمر: 55.
[2] الرعد: 43.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست