responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 609
يُخَاصِمُونَ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتَجَابَ النَّاسُ لَهُ، وَدَخَلُوا فِيهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ بَعْدِ مَا أَسْلَمَ النَّاسُ. قَالَ:
وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ تَوَهَّمُوا أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ تَعُودُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَمُحَاجَّتُهُمْ قَوْلُهُمْ: نَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ، وَكِتَابُنَا قَبْلَ كِتَابِكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ لِأَنْفُسِهِمُ الْفَضِيلَةَ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وأحسن نديا؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَالْمَوْصُولُ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ وَهِيَ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أَيْ: لَا ثَبَاتَ لَهَا كَالشَّيْءِ الَّذِي يَزُولُ عَنْ مَوْضِعِهِ، يُقَالُ: دَحَضَتْ حُجَّتُهُ دُحُوضًا: بَطَلَتْ، وَالْإِدْحَاضُ: الْإِزْلَاقُ، وَمَكَانٌ دَحْضٌ: أَيْ زَلِقٌ، وَدَحَضَتْ رِجْلُهُ: زَلِقَتْ.
وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي لَهُ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ. وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ أَيْ:
غَضَبٌ عَظِيمٌ مِنَ اللَّهِ لِمُجَادَلَتِهِمْ بِالْبَاطِلِ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ فِي الْآخِرَةِ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ: الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الرُّسُلِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ خَاصَّةً، وَبِالْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ، وهو الصدق وَالمراد ب الْمِيزانَ الْعَدْلُ، كَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، قَالُوا وَسُمِّيَ الْعَدْلُ مِيزَانًا لِأَنَّ الْمِيزَانَ آلَةُ الْإِنْصَافِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَلْقِ. وَقِيلَ: الْمِيزَانُ مَا بُيِّنَ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِمَّا يَجِبُ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ. وَقِيلَ: هُوَ الْجَزَاءُ عَلَى الطاعة بالثواب، وَعَلَى الْمَعْصِيَةِ بِالْعِقَابِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ الْمِيزَانُ نَفْسُهُ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَعَلَّمَ الْعِبَادَ الْوَزْنَ بِهِ لِئَلَّا يَكُونَ بَيْنَهُمْ تَظَالُمٌ وَتَبَاخُسٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [1] وقيل:
هو محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ يَجْعَلُكَ دَارِيًا بِهَا، عَالِمًا بِوَقْتِهَا لَعَلَّهَا شَيْءٌ قَرِيبٌ، أَوْ قَرِيبٌ مَجِيئُهَا، أَوْ ذَاتُ قُرْبٍ. وَقَالَ قَرِيبٌ وَلَمْ يَقُلْ قَرِيبَةٌ لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
الْمَعْنَى لَعَلَّ الْبَعْثَ أَوْ لَعَلَّ مَجِيءَ السَّاعَةِ قَرِيبٌ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: قَرِيبٌ نَعْتٌ يُنْعَتُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ والمذكر كما في قوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [2] وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَكُنَّا قَرِيبًا وَالدِّيَارُ بَعِيدَةٌ ... فَلَمَّا وَصَلْنَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ غِبْنَا
قِيلَ: إِنَّ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ ذَكَرَ السَّاعَةَ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالُوا مَتَى تَكُونُ السَّاعَةُ؟ تَكْذِيبًا لَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِها اسْتِعْجَالَ اسْتِهْزَاءٍ مِنْهُمْ بِهَا، وَتَكْذِيبًا بِمَجِيئِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها أَيْ: خَائِفُونَ وَجِلُونَ مِنْ مَجِيئِهَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ عَلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَيْ:
أَنَّهَا آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ [3] .
ثُمَّ بَيَّنَ ضَلَالَ الْمُمَارِينَ فِيهَا فَقَالَ: أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ أَيْ: يُخَاصِمُونَ فيها مخاصمة شك وريبة، من المماراة وَهِيَ: الْمُخَاصَمَةُ وَالْمُجَادَلَةُ، أَوْ مِنَ الْمِرْيَةِ: وَهِيَ الشَّكُّ وَالرِّيبَةُ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عَنِ الْحَقِّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي الْمُوجِبَاتِ لِلْإِيمَانِ بِهَا مِنَ الدَّلَائِلِ الَّتِي هِيَ مُشَاهَدَةٌ لَهُمْ مَنْصُوبَةٌ لِأَعْيُنِهِمْ مَفْهُومَةٌ لِعُقُولِهِمْ، وَلَوْ تَفَكَّرُوا لَعَلِمُوا أَنَّ الذي خلقهم ابتداء قادر على الإعادة.

[1] الحديد: 25.
[2] الأعراف: 56.
[3] المؤمنون: 60. [.....]
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 609
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست