responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 498
أَصَابَ الصَّوَابَ، وَأَخْطَأَ الْجَوَابَ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى أَصَابَ بِلُغَةِ حِمْيَرَ أَرَادَ، وَلَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَقِيلَ:
هُوَ بِلِسَانِ هَجَرَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ إِصَابَةِ السَّهْمِ لِلْغَرَضِ وَالشَّياطِينَ مَعْطُوفٌ عَلَى الرِّيحِ، أَيْ: وَسَخَّرْنَا لَهُ الشَّيَاطِينَ، وَقَوْلُهُ: كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ بَدَلٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ، أَيْ: كُلُّ بِنَّاءٍ مِنْهُمْ، وَغَوَّاصٍ مِنْهُمْ يَبْنُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْمَبَانِي، وَيَغُوصُونَ فِي الْبَحْرِ فَيَسْتَخْرِجُونَ لَهُ الدُّرَّ مِنْهُ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ [1] :
إِلَّا سُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ الْجَلِيلُ لَهُ ... قُمْ فِي الْبَرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عَنِ الْفَنَدِ
وخيّس الْجِنَّ أَنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ ... يَبْنُونَ تَدْمُرَ بِالصِّفَاحِ وَالْعُمُدِ
وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ مَعْطُوفٌ عَلَى كُلَّ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْبَدَلِ، وَهُمْ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ سُخِّرُوا لَهُ حَتَّى قَرَّنَهُمْ فِي الْأَصْفَادِ. يُقَالُ: قَرَّنَهُمْ فِي الْحِبَالِ إِذَا كَانُوا جماعة كثيرة، والأصفاد: الأغلال واحدها صفة.
قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ السَّلَاسِلُ، فَكُلُّ مَا شَدَدْتَهُ شَدًّا وَثِيقًا بِالْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ فَقَدْ صَفَدْتَهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: صَفَدْتُ الرَّجُلَ فَهُوَ مَصْفُودٌ، وَصَفَّدْتَهُ فَهُوَ مُصَفَّدٌ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ فِي مُعَلَّقَتِهِ:
فَآبُوا بِالنِّهَابِ وَبِالسَّبَايَا ... وَأُبْنَا بِالْمُلُوكِ مُصَفَّدِينَا
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا بِكُفَّارِهِمْ، فَإِذَا آمَنُوا أَطْلَقَهُمْ وَلَمْ يُسَخِّرْهُمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
«هَذَا» إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَسْخِيرِ الرِّيحِ وَالشَّيَاطِينِ لَهُ، وَهُوَ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ: أَيْ وَقُلْنَا لَهُ هَذَا عَطاؤُنا الَّذِي أَعْطَيْنَاكَهُ مِنَ الْمُلْكِ الْعَظِيمِ الَّذِي طَلَبْتَهُ فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ قَالَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمَا: أَيْ فَأَعْطِ مَنْ شِئْتَ وَامْنَعْ مَنْ شِئْتَ بِغَيْرِ حِسابٍ لَا حِسَابَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ الْإِعْطَاءِ أَوِ الْإِمْسَاكِ، أَوْ عَطَاؤُنَا لَكَ بِغَيْرِ حِسَابٍ لِكَثْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ قَوْلَهُ: هَذَا عَطاؤُنا إِشَارَةٌ إِلَى مَا أُعْطِيَهُ مِنْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ، وَهَذَا لَا وَجْهَ لِقَصْرِ الْآيَةِ عَلَيْهِ لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ، فَكَيْفَ يَدَّعِي اخْتِصَاصَ الْآيَةِ بِهِ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى أَيْ قُرْبَةً فِي الْآخِرَةِ وَحُسْنَ مَآبٍ وَحُسْنَ مَرْجِعٍ، وَهُوَ الْجَنَّةُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً قَالَ: هُوَ الشَّيْطَانُ الَّذِي كَانَ عَلَى كُرْسِيِّهِ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا جَرَادَةُ، وَكَانَ بَيْنَ بَعْضِ أَهْلِهَا وَبَيْنَ قَوْمٍ خُصُومَةٌ، فَقَضَى بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ إِلَّا أَنَّهُ وَدَّ أَنَّ الْحَقَّ كَانَ لِأَهْلِهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ سَيُصِيبُكَ بَلَاءٌ، فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَأْتِيهِ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ الْأَرْضِ؟
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرَادَ سُلَيْمَانُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ فَأَعْطَى لِجَرَادَةَ خَاتَمَهُ، وَكَانَتْ جَرَادَةُ امْرَأَتَهُ وَكَانَتْ أَحَبَّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، فَجَاءَ الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ لَهَا: هَاتِي خَاتَمِي فَأَعْطَتْهُ، فَلَمَّا لَبِسَهُ دَانَتْ لَهُ الإنس والجن والشياطين، فلما خرج سليمان

[1] هو النابغة الذبياني.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 498
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست