responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 312
فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِثْلُهَا: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [1] ، وَقَوْلُهُ: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [2] ، واللام في لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ: متعلق بحسنة، أو: بمحذوف هو صفة لحسنة، أَيْ: كَائِنَةٌ لِمَنْ يَرْجُو اللَّهَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْجُمْلَةَ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ فِي لَكُمْ، وَرَدَّهُ أَبُو حَيَّانَ وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يُبْدَلُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ. وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّهُ قَدْ أَجَازَ ذَلِكَ الْكُوفِيُّونَ وَالْأَخْفَشُ وَإِنْ مَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ: الْمُؤْمِنُونَ، فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَرْجُونَ اللَّهَ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ، وَمَعْنَى يَرْجُونَ اللَّهَ: يَرْجُونَ ثَوَابَهُ أَوْ لِقَاءَهُ، وَمَعْنَى يَرْجُونَ الْيَوْمَ الْآخِرَ: أَنَّهُمْ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ فِيهِ، أَوْ يُصَدِّقُونَ بِحُصُولِهِ، وَأَنَّهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَخْصِيصٌ بَعْدَ التَّعْمِيمِ بِالْجُمْلَةِ الْأُولَى وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ، أَيْ: وَلِمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَجَمَعَ بَيْنَ الرَّجَاءِ لِلَّهِ وَالذِّكْرِ لَهُ، فَإِنَّ بِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ بِرَسُولِ الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَا وَقَعَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلِصِينَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ لِلْأَحْزَابِ، وَمُشَاهَدَتِهِمْ لِتِلْكَ الْجُيُوشِ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِمْ كَالْبَحْرِ الْعُبَابِ فَقَالَ: وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ «هَذَا» إِلَى مَا رَأَوْهُ مِنَ الْجُيُوشِ، أَوْ إِلَى الْخَطْبِ الَّذِي نَزَلَ، وَالْبَلَاءِ الَّذِي دَهَمَ، وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُمْ قَالُوهُ اسْتِبْشَارًا بِحُصُولٍ مَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ مَجِيءِ هَذِهِ الْجُنُودِ، وَإِنَّهُ يَتَعَقَّبُ مَجِيئَهُمْ إِلَيْهِمْ نُزُولُ النَّصْرِ، وَالظَّفَرِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَ «مَا» فِي «مَا وَعَدَنَا اللَّهُ» هِيَ الْمَوْصُولَةُ، أَوِ الْمَصْدَرِيَّةُ، ثُمَّ أَرْدَفُوا مَا قَالُوهُ بِقَوْلِهِمْ: وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَيْ: ظَهَرَ صِدْقُ خَبَرِ الله ورسوله وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً أَيْ: مَا زَادَهُمْ مَا رَأَوْهُ إِلَّا إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَسْلِيمًا لِأَمْرِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا زَادَهُمُ النَّظَرُ إِلَى الْأَحْزَابِ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا. قَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: «رَأَى» يَدُلُّ عَلَى الرُّؤْيَةِ، وَتَأْنِيثُ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَالْمَعْنَى: مَا زَادَهُمُ الرُّؤْيَةُ إِلَّا إِيمَانًا لِلرَّبِّ، وَتَسْلِيمًا لِلْقَضَاءِ، وَلَوْ قَالَ مَا زَادَتْهُمْ لَجَازَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ أَيْ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلِصِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا: أَتَوْا بِالصِّدْقِ، مِنْ صَدَقَنِي إِذَا قَالَ الصِّدْقَ، وَمَحَلُّ «مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» : النَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ وَفَّوْا بِمَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ مِنَ الثَّبَاتِ مَعَهُ، وَالْمُقَاتَلَةِ لِمَنْ قَاتَلَهُ، بِخِلَافِ مَنْ كَذَبَ فِي عَهْدِهِ، وَخَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ نَذَرُوا أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوا حَرْبًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتُوا لَهُ، وَلَمْ يَفِرُّوا، وَوَجْهُ إِظْهَارِ الاسم الشريف، والرسول في قوله: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ هُوَ قَصْدُ التَّعْظِيمِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَرَى الْمَوْتَ لَا يَسْبِقُ الْمَوْتَ شَيْءٌ وَأَيْضًا لَوْ أَضْمَرَهُمَا لَجَمَعَ بَيْنَ ضَمِيرِ اللَّهِ، وَضَمِيرِ رَسُولِهِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ صَدَقَا، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ جَمْعِهِمَا كَمَا فِي حَدِيثِ «بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ» لِمَنْ قَالَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى. ثُمَّ فَصَّلَ سُبْحَانَهُ حَالَ الصَّادِقِينَ بِمَا وَعَدُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَقَسَّمَهُمْ إِلَى قِسْمَيْنِ فَقَالَ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ

[1] الحشر: 7.
[2] آل عمران: 31.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست