responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 138
زِيدًا بِكَذَا وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ مِنْ: مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ، أَيْ: وَمَا أَهْلَكْنَا قَرْيَةً مِنَ الْقُرَى إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ. وَجُمْلَةُ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِقَرْيَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنْهَا، وَسَوَّغَ ذَلِكَ سَبْقُ النَّفْيِ، وَالْمَعْنَى: مَا أَهْلَكْنَا قَرْيَةً مِنَ الْقُرَى إِلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ إِلَيْهِمْ، وَالْإِعْذَارِ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ، وَقَوْلُهُ: ذِكْرى بِمَعْنَى تَذْكِرَةٍ، وَهِيَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْعِلَّةِ، أَوِ الْمَصْدَرِيَّةِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ:
ذِكْرَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: أَنَّهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، أَيْ: يَذْكُرُونَ ذِكْرَى. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّ مَعْنَى إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ إِلَّا لَهَا مُذَكِّرُونَ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرَى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: إِنْذَارُنَا ذِكْرَى، أَوْ ذَلِكَ ذِكْرَى.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْمَعْنَى هِيَ ذِكْرَى، أَوْ يُذَكِّرُهُمْ ذِكْرَى، وَقَدْ رَجَّحَ الْأَخْفَشُ أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَما كُنَّا ظالِمِينَ فِي تَعْذِيبِهِمْ، فقد قدّمنا الحجة إليهم وأنذرناهم، وأعذرناهم، وَأَعْذَرْنَا إِلَيْهِمْ وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ أَيْ: بِالْقُرْآنِ، وَهَذَا رَدٌّ لِمَا زَعَمَهُ الْكَفَرَةُ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ مَا يُلْقِيهِ الشَّيَاطِينُ عَلَى الْكَهَنَةِ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ مَا نَسَبَهُ الْكُفَّارُ إِلَيْهِمْ أَصْلًا إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لِلْقُرْآنِ، أَوْ لِكَلَامِ الْمَلَائِكَةِ لَمَعْزُولُونَ مَحْجُوبُونَ، مَرْجُومُونَ بِالشُّهُبِ. وَقَرَأَ الحسن وابن السميقع والأعمش «وما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ» بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِجْرَاءً لَهُ مجرى جمع السَّلَامَةِ. قَالَ النَّحَّاسُ:
وَهَذَا غَلَطٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: هَذَا مِنْ غَلَطِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِشُبْهَةٍ لَمَّا رَأَى الْحَسَنُ فِي آخِرِهِ يَاءً وَنُونًا، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بِالْجَمْعِ السَّالِمِ فَغَلِطَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: غَلِطَ الشَّيْخُ: يَعْنِي الْحَسَنُ، فَقِيلَ: ذَلِكَ لِلنَّضِرِ بْنِ شُمَيْلٍ فَقَالَ: إِنْ جَازَ أَنْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِ رُؤْبَةَ وَالْعَجَّاجِ وَذَوِيهِمَا جَازَ أَنْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِ الْحَسَنِ وَصَاحِبِهِ: يَعْنِي مُحَمَّدَ بن السميقع مَعَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْرَءَا بِذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ سَمِعَا فِيهِ شَيْئًا. وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: إِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ مِنْ شَاطَ يَشِيطُ كَانَ لِقِرَاءَتِهِمَا وَجْهٌ.
قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: دَخَلْنَا بَسَاتِينَ مِنْ وَرَائِهَا بَسَاتُونَ. ثم لما قرّر سبحانه حقيقة الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِهِ، أَمَرَ نَبِيَّهُ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِدُعَاءِ اللَّهِ وَحْدَهُ فَقَالَ: فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ وخطاب النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِهَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُنَزَّهًا عَنْهُ، مَعْصُومًا مِنْهُ، لِحَثِّ الْعِبَادِ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَنَهْيِهِمْ عَنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَيَّ، وَأَعَزُّهُمْ عِنْدِي، وَلَوِ اتَّخَذْتَ مَعِيَ إِلَهًا لَعَذَّبْتُكَ، فَكَيْفَ بِغَيْرِكَ مِنَ الْعِبَادِ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ خَصَّ الْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ الِاهْتِمَامَ بِشَأْنِهِمْ أَوْلَى، وهدايتهم إلى الحق أقوم.
قيل: هم قريش، وَقِيلَ بَنُو هَاشِمٍ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ دَعَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ قُرَيْشًا، فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ، فَذَلِكَ مِنْهُ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بَيَانٌ لِلْعَشِيرَةِ الْأَقْرَبِينَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُقَالُ: خَفَضَ جَنَاحَهُ إِذَا أَلَانَهُ، وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ حَسَنَةٌ. وَالْمَعْنَى: أَلِنْ جَنَاحَكَ، وَتَوَاضَعْ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَظْهَرَ لَهُمُ الْمَحَبَّةَ وَالْكَرَامَةَ، وَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ فَإِنْ عَصَوْكَ أَيْ: خَالَفُوا أَمْرَكَ وَلَمْ يَتَّبِعُوكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ أَيْ: مِنْ عَمَلِكُمْ، أَوْ مِنَ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُشَارِفُونَ لِلْإِيمَانِ، الْمُصَدِّقُونَ بِاللِّسَانِ، لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْخُلَّصَ لَا يَعْصُونَهُ وَلَا يُخَالِفُونَهُ. ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ مَا

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست