responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 495
وَالْمُرَادُ فِي الْآيَةِ الدُّرُوعُ خَاصَّةً، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَلْبُوسِ، كَالرَّكُوبِ وَالْحَلُوبُ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ أَعْنِي «لَكُمْ» متعلّق ب «علّمناه» ليحصنكم مِنْ بَأْسِكُمْ قَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ وَرَوْحٌ «لِتُحْصِنَكُمْ» بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ، بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ إِلَى الصَّنْعَةِ، أَوْ إِلَى اللَّبُوسِ بِتَأْوِيلِ الدِّرْعِ. وَقَرَأَ شَيْبَةُ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ «لِنُحَصِّنَكُمْ» بِالنُّونِ بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ بِإِرْجَاعِ الضَّمِيرِ إِلَى اللَّبُوسِ، أَوْ إِلَى دَاوُدَ، أَوْ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَمَعْنَى مِنْ بَأْسِكُمْ مِنْ حَرْبِكُمْ، أَوْ مِنْ وَقْعِ السِّلَاحِ فِيكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمْنَا بِهَا عَلَيْكُمْ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا خَصَّ بِهِ سُلَيْمَانَ، فَقَالَ وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ أَيْ: وسخرنا الرِّيحَ عاصِفَةً أَيْ: شَدِيدَةَ الْهُبُوبِ. يُقَالُ: عَصَفَتِ الرِّيحُ، أَيِ: اشْتَدَّتْ، فَهِيَ رِيحٌ عَاصِفٌ وَعَصُوفٌ، وَانْتِصَابُ الرِّيحِ عَلَى الْحَالِ.
وَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ وَالسُّلَمِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ «وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ» بِرَفْعِ الرِّيحِ عَلَى الْقَطْعِ مِمَّا قَبْلَهُ، وَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ «تَجْرِي» . وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ النَّصْبِ فَيَكُونُ مَحَلُّ تَجْرِي بِأَمْرِهِ النَّصْبَ أَيْضًا عَلَى الْحَالِيَّةِ، أَوْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ أي:
بتدبير كُلِّ شَيْءٍ وَمِنَ الشَّياطِينِ أَيْ: وَسَخَّرْنَا مِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ فِي الْبِحَارِ وَيَسْتَخْرِجُونَ مِنْهَا مَا يَطْلُبُهُ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: إِنَّ «مِنْ» مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا قَبْلَهُ، وَالْغَوْصُ: النُّزُولُ تَحْتَ الْمَاءِ، يُقَالُ: غَاصَ فِي الْمَاءِ، وَالْغَوَّاصُ: الَّذِي يَغُوصُ فِي الْبَحْرِ عَلَى اللُّؤْلُؤِ. وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ سِوَى ذَلِكَ، وقيل: يراد بِذَلِكَ الْمَحَارِيبَ وَالتَّمَاثِيلَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُسَخِّرُهُمْ فِيهِ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ أَيْ: لِأَعْمَالِهِمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَافِظِينَ لَهُمْ مِنْ أَنْ يَهْرُبُوا أَوْ يَتَمَنَّعُوا، أَوْ حَفِظْنَاهُمْ مِنْ أَنْ يَخْرُجُوا عَنْ أَمْرِهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَ يَحْفَظُهُمْ مِنْ أَنْ يُفْسِدُوا مَا عَمِلُوا، وَكَانَ دَأْبُهُمْ أَنْ يُفْسِدُوا بِاللَّيْلِ مَا عَمِلُوا بِالنَّهَارِ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَالْعَامِلُ فِيهِ: إِمَّا الْمَذْكُورُ أَوِ الْمُقَدَّرُ كَمَا مَرَّ، وَالْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ وَهُوَ «إِذْ نَادَى رَبَّهُ» هُوَ الْعَامِلُ فِي أَيْوبَ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ أَيْ: بِأَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ. وَقُرِئَ بِكَسْرِ «إِنِّي» .
وَاخْتُلِفَ فِي الضُّرِّ الَّذِي نَزَلَ بِهِ مَاذَا هُوَ، فَقِيلَ: إِنَّهُ قَامَ لِيُصَلِّيَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ وَقِيلَ: إِنَّهُ أَقَرَّ بِالْعَجْزِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُنَافِيًا لِلصَّبْرِ وَقِيلَ: انْقَطَعَ الْوَحْيُ عَنْهُ أربعين عاما وَقِيلَ: إِنَّ دُودَةً سَقَطَتْ مِنْ لَحْمِهِ فَأَخَذَهَا وَرَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا فَأَكَلَتْ مِنْهُ، فَصَاحَ: مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَقِيلَ: كَانَ الدُّودُ تَنَاوَلَ بَدَنَهُ فَيَصْبِرُ حَتَّى تَنَاوَلَتْ دُودَةٌ قَلْبَهُ وَقِيلَ: إِنَّ ضُرَّهُ قَوْلُ إِبْلِيسَ لِزَوْجَتِهِ اسْجُدِي لِي، فَخَافَ ذَهَابَ إِيمَانِهَا وَقِيلَ:
إِنَّهُ تَقَذَّرَهُ قَوْمُهُ وَقِيلَ: أَرَادَ بِالضُّرِّ الشَّمَاتَةَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَلَمَّا نَادَى رَبَّهُ مُتَضَرِّعًا إِلَيْهِ وَصَفَهُ بِغَايَةِ الرَّحْمَةِ فَقَالَ: وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِاسْتِجَابَتِهِ لِدُعَائِهِ، فَقَالَ: فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ أَيْ: شَفَاهُ اللَّهُ مِمَّا كَانَ بِهِ، وَأَعَاضَهُ بِمَا ذَهَبَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ قِيلَ: تَرَكَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مِثْلَهُمْ فِي الدُّنْيَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْإِسْنَادُ بِذَلِكَ صَحِيحٌ، وَقَدْ كَانَ مَاتَ أَهْلُهُ جَمِيعًا إِلَّا امْرَأَتَهُ، فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ فِي أَقَلَّ مِنْ طَرْفِ الْبَصَرِ، وَآتَاهُ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ، وَقِيلَ: كَانَ

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست