responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 453
بَلْ بِمُوجِبِ الِاضْطِرَارِ الْمُلْجِئِ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَنْفِيَ السَّامِرِيَّ عَنْ قَوْمِهِ، وَأَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ لَا يُخَالِطُوهُ وَلَا يَقْرَبُوهُ وَلَا يُكَلِّمُوهُ عُقُوبَةً لَهُ. قِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ مُوسَى ذَلِكَ هَرَبَ، فَجَعَلَ يَهِيمُ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ السِّبَاعِ وَالْوَحْشِ لَا يَجِدُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَمَسُّهُ، حَتَّى صَارَ كَمَنْ يَقُولُ لَا مِسَاسَ لِبُعْدِهِ عَنِ النَّاسِ وَبُعْدِ النَّاسِ عَنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
حَمَّالُ رَايَاتٍ بِهَا قَنَاعِسًا ... حَتَّى تَقُولَ الْأُزْدُ لَا مَسَايِسًا
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُسِرَتِ السِّينُ لِأَنَّ الْكَسْرَةَ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ: وَأَمَّا قَوْلُ الْعَرَبِ لَا مِسَاسَ مِثْلُ قِطَامِ فَإِنَّمَا بُنِيَ عَلَى الْكَسْرِ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنِ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ الْمَسُّ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ: إِذَا اعْتَلَّ الشَّيْءُ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ وَجَبَ أَنْ يُبْنَى، وَإِذَا اعْتَلَّ مِنْ جِهَتَيْنِ وَجَبَ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ، لِأَنَّهُ ليس بعد الصرف إلا البناء، فمساس ودراك اعْتَلَّ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: مِنْهَا أَنَّهُ مَعْدُولٌ، ومنها أنه مؤنث، وَمِنْهَا أَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، فَلَمَّا وَجَبَ الْبِنَاءُ فِيهِ وَكَانَتِ الْأَلِفُ قَبْلَ السِّينِ سَاكِنَةً كُسِرَتِ السِّينُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَعْنِي الزَّجَّاجَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خَطَأٌ، وَأَلْزَمَ أَبَا الْعَبَّاسِ: إِذَا سُمِّيَتِ امْرَأَةٌ بِفِرْعَوْنَ: أَنْ يَبْنِيَهُ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ. وَقَدْ قَرَأَ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَبُو حَيْوَةَ، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا. وَحَاصِلُ مَا قِيلَ فِي مَعْنَى لَا مِسَاسَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ:
أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِ مُمَاسَّةَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا مَاسَّهُ أَحَدٌ حُمَّ الْمَاسُّ وَالْمَمْسُوسُ، فَلِذَلِكَ كَانَ يَصِيحُ إِذَا رَأَى أَحَدًا:
لَا مِسَاسَ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُ النَّاسِ مِنْ مُخَالَطَتِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَارَ مَهْجُورًا فَلَا يَقُولُ هُوَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْحِكَايَةُ، أَيْ: أَجْعَلُكَ يَا سَامِرِيُّ بِحَيْثُ إِذَا أَخْبَرْتَ عَنْ حَالِكِ قُلْتَ لَا مِسَاسَ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ انْقِطَاعُ نَسْلِهِ، وَأَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُمَاسَّةِ الْمَرْأَةِ، قَالَهُ أَبُو مُسْلِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. ثُمَّ ذَكَرَ حَالَهُ فِي الْآخِرَةِ فَقَالَ: وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ أَيْ: لَنْ يُخْلِفَكَ اللَّهُ ذَلِكَ الْمَوْعِدَ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْمَوْعِدُ مَصْدَرٌ، أَيْ: إِنَّ لَكَ وَعْدًا لِعَذَابِكَ، وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ: يُكَافِئُكَ اللَّهُ عَلَى مَا فَعَلْتَ فِي الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالْيَزِيدِيُّ وَالْحَسَنُ «لَنْ تُخْلِفَهُ» بِكَسْرِ اللَّامِ، وَلَهُ على هذا الْقِرَاءَةِ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: سَتَأْتِيهِ وَلَنْ تَجِدَهُ مُخْلِفًا، كَمَا تَقُولُ: أَحْمَدْتُهُ، أَيْ: وَجَدْتُهُ مَحْمُودًا. وَالثَّانِي: عَلَى التَّهْدِيدِ، أَيْ: لَا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَصِيرَ إِلَيْهِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَنْ نُخْلِفَهُ بِالنُّونِ أَيْ: لَنْ يُخْلِفَهُ اللَّهُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَبِالْفَوْقِيَّةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، مَعْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً ظَلْتَ أَصْلُهُ ظَلِلْتَ، فَحُذِفَتِ اللَّامُ الْأُولَى تَخْفِيفًا، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا. وَقَرَأَ الأعمش باللامين عَلَى الْأَصْلِ. وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ظَلْتَ بِكَسْرِ الظَّاءِ. وَالْمَعْنَى: انْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي دُمْتَ وَأَقَمْتَ عَلَى عِبَادَتِهِ، وَالْعَاكِفُ: الْمُلَازِمُ لَنُحَرِّقَنَّهُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ حَرَّقَهُ يُحَرِّقُهُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ مَنْ أَحْرَقَهُ يُحْرِقُهُ. وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَشْهَبُ وَالْعُقَيْلِيُّ لَنُحَرِّقَنَّهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً، مِنْ حَرَقْتُ الشَّيْءَ أَحْرِقُهُ حَرْقًا إِذَا بَرَدْتَهُ وَحَكَكْتَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، أَيْ: لَنُبَرِّدَنَّهُ

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 453
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست