responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 449
مَضَى فِي الْأَعْرَافِ بَيَانُ هَذَا مُسْتَوْفًى. قالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ التَّوْبِيخِيِّ، وَالْوَعْدُ الْحَسَنُ: وَعَدَهُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا أَقَامُوا عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَدَهُمْ أَنْ يُسْمِعَهُمْ كلامه في التوراة في لِسَانِ مُوسَى لِيَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا، فَيَسْتَحِقُّوا ثَوَابَ عَمَلِهِمْ، وَقِيلَ: وَعَدَهُمُ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُهُ:
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ الْآيَةَ أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ الْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: أَوَعَدَكُمْ ذَلِكَ، فَطَالَ عَلَيْكُمُ الزَّمَانُ فَنَسِيتُمْ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ أَيْ: يَلْزَمَكُمْ وَيَنْزِلَ بِكُمْ، وَالْغَضَبُ: الْعُقُوبَةُ وَالنِّقْمَةُ، وَالْمَعْنَى: أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَفْعَلُوا فِعْلًا يَكُونُ سَبَبَ حُلُولِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي أَيْ: مَوْعِدَكُمْ إِيَّايَ، فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ لِأَنَّهُمْ وَعَدُوهُ أَنْ يُقِيمُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ مِنَ الطُّورِ، وَقِيلَ: وَعَدُوهُ أَنْ يَأْتُوا عَلَى أَثَرِهِ إلى الميقات، فتوقّفوا فأجابوه، وقالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ الَّذِي وَعَدْنَاكَ بِمَلْكِنا بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَعَاصِمٍ وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِأَنَّهَا عَلَى اللُّغَةِ الْعَالِيَةِ الْفَصِيحَةِ، وَهُوَ مَصْدَرُ مَلَكْتُ الشَّيْءَ أَمْلِكُهُ مِلْكًا، وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: بِمَلِكِنَا أُمُورَنَا، أَوْ بِمَلْكِنَا الصَّوَابَ، بَلْ أَخْطَأْنَا وَلَمْ نَمْلِكْ أَنْفُسَنَا وَكُنَّا مُضْطَرِّينَ إِلَى الْخَطَأِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِمَلْكِنا بِضَمِّ الْمِيمِ، وَالْمَعْنَى بِسُلْطَانِنَا، أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا مُلْكٌ فَنُخْلِفُ مَوْعِدَكَ، وَقِيلَ: إِنَّ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ وَالضَّمَّ فِي بِمَلْكِنَا كُلُّهَا لُغَاتٍ فِي مَصْدَرِ مَلَكْتُ الشَّيْءَ وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَرُويْسٌ حُمِّلْنا بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ مُخَفَّفَةً، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِأَنَّهُمْ حَمَلُوا حِلْيَةَ الْقَوْمِ مَعَهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ، وَمَا حَمَلُوهَا كُرْهًا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا اسْتَعَارُوهَا مِنْهُمْ حِينَ أَرَادُوا الْخُرُوجَ مَعَ مُوسَى، وَأَوْهَمُوهُمْ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي عِيدٍ لَهُمْ أَوْ وَلِيمَةٍ وَقِيلَ: هُوَ مَا أَخَذُوهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ لَمَّا قَذَفَهُمُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِلِ، وَسُمِّيَتْ أَوْزَارًا، أَيْ: آثَامًا لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَخْذُهَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ فِي شَرِيعَتِهِمْ. وَالْأَوْزَارُ فِي الْأَصْلِ الْأَثْقَالُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَالْمُرَادُ بِالزِّينَةِ هُنَا الْحُلِيُّ فَقَذَفْناها أَيْ: طَرَحْنَاهَا فِي النَّارِ طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْ إِثْمِهَا وَقِيلَ: الْمَعْنَى: طَرَحْنَاهَا إِلَى السَّامِرِيِّ لِتَبْقَى لَدَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ مُوسَى فَيَرَى فِيهَا رَأْيَهُ فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ أَيْ: فَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَذْفِ أَلْقَاهَا السَّامِرِيُّ، قِيلَ: إِنَّ السَّامِرِيَّ قَالَ لَهُمْ حِينَ اسْتَبْطَأَ الْقَوْمُ رُجُوعَ مُوسَى. إِنَّمَا احْتَبَسَ عَنْكُمْ لِأَجْلِ مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْحُلِيِّ، فَجَمَعُوهُ وَدَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَرَمَى بِهِ فِي النَّارِ وَصَاغَ لَهُمْ مِنْهُ عِجْلًا، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَهُوَ جِبْرِيلُ، فَصَارَ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَيْ: يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الْحَيُّ مِنَ الْعُجُولِ، وَالْخُوَارُ: صَوْتُ الْبَقَرِ، وَقِيلَ: خُوَارُهُ كَانَ بِالرِّيحِ لِأَنَّهُ كَانَ عَمَلٌ فِيهِ خُرُوقًا، فَإِذَا دَخَلَتِ الرِّيحُ فِي جَوْفِهِ خَارَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ، فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى أَيْ قَالَ السَّامِرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ فَنَسِيَ أَيْ: فَضَلَّ مُوسَى وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَ إِلَهِهِ هَذَا، وَذَهَبَ يَطْلُبُهُ فِي الطُّورِ وَقِيلَ:
الْمَعْنَى: فَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَذْكُرَ لَكُمْ أَنَّ هَذَا إِلَهُهُ وَإِلَهُكُمْ وَقِيلَ: النَّاسِي هُوَ السَّامِرِيُّ، أَيْ: تَرَكَ السَّامِرِيُّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى مِنَ الْإِيمَانِ وَضَلَّ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا أَيْ: أفلا

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست