responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 433
وقال امرؤ القيس:
مسحّ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الْوَنَى ... أَثَرْنَ غُبَارًا بالكديد المركّل «1»
قَالَ الْفَرَّاءُ: فِي ذِكْرِي وَعَنْ ذِكِرِي سَوَاءٌ، وَالْمَعْنَى: لَا تُقَصِّرَا عَنْ ذِكْرِي بِالْإِحْسَانِ إِلَيْكُمَا، وَالْإِنْعَامِ عَلَيْكُمَا وَذِكْرُ النِّعْمَةِ شُكْرُهَا. وَقِيلَ: مَعْنَى «لَا تَنِيَا» لَا تُبْطِئَا فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ «لَا تَهِنَا فِي ذِكْرِي» اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى هَذَا أَمْرٌ لَهُمَا جَمِيعًا بِالذِّهَابِ، وَمُوسَى حَاضِرٌ وَهَارُونُ غَائِبٌ تَغْلِيبًا لِمُوسَى لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي أَدَاءِ الرسالة، وعلّل الأمر بالذهاب بقوله: إِنَّهُ طَغى أَيْ: جَاوَزَ الْحَدَّ فِي الْكُفْرِ وَالتَّمَرُّدِ، وَخَصَّ مُوسَى وَحْدَهُ بِالْأَمْرِ بِالذَّهَابِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَجَمَعَهُمَا هُنَا تَشْرِيفًا لِمُوسَى بِإِفْرَادِهِ، وَتَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ بِالذِّهَابِ بِالتَّكْرِيرِ. وَقِيلَ: إِنَّ فِي هَذَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذِهَابُ أَحَدِهِمَا. وَقِيلَ: الْأَوَّلُ:
أَمْرٌ لِمُوسَى بِالذِّهَابِ إِلَى كُلِّ النَّاسِ، وَالثَّانِي: أَمْرٌ لَهُمَا بِالذِّهَابِ إِلَى فِرْعَوْنَ. ثُمَّ أَمَرَهُمَا سُبْحَانَهُ بِإِلَانَةِ الْقَوْلِ لَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْثِيرِ فِي الْإِجَابَةِ، فَإِنَّ التَّخْشِينَ بَادِئَ بَدْءٍ يَكُونُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ النُّفُورِ وَالتَّصَلُّبِ فِي الْكُفْرِ، وَالْقَوْلُ اللَّيِّنُ: هُوَ الَّذِي لَا خُشُونَةَ فِيهِ، يُقَالُ: لِأَنَّ الشَّيْءَ يَلِينُ لِينًا، وَالْمُرَادُ تَرْكُهُمَا لِلتَّعْنِيفِ، كَقَوْلِهِمَا: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى [2] ، وَقِيلَ: الْقَوْلُ اللَّيِّنُ هُوَ الْكُنْيَةُ لَهُ، وَقِيلَ: أَنْ يَعِدَاهُ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا إِنْ أَجَابَ، ثُمَّ عَلَّلَ الْأَمْرَ بِإِلَانَةِ الْقَوْلِ لَهُ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى أَيْ: بَاشَرَا ذَلِكَ مُبَاشَرَةَ مَنْ يَرْجُو وَيَطْمَعُ، فَالرَّجَاءُ رَاجِعٌ إِلَيْهِمَا كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: سِيبَوَيْهِ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: «لَعَلَّ» لَفْظَةُ طَمَعٍ وَتَرَجٍّ، فَخَاطَبَهُمْ بِمَا يَعْقِلُونَ. وقيل: لعلّ ها هنا بمعنى الاستفهام. والمعنى:
فانظرا هَلْ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى، وَقِيلَ: بِمَعْنَى كَيْ. والتذكير: النَّظَرُ فِيمَا بَلَّغَاهُ مِنَ الذَّكَرِ وَإِمْعَانُ الْفِكْرِ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي الْإِجَابَةِ، وَالْخَشْيَةُ هِيَ خَشْيَةُ عِقَابِ اللَّهِ الْمَوْعُودِ بِهِ عَلَى لِسَانِهِمَا، وَكَلِمَةُ «أَوْ» لِمَنْعِ الْخُلُوِّ دُونَ الْجَمْعِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ قَالَ: هُوَ النِّيلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي قَالَ: كَانَ كُلُّ مَنْ رَآهُ أُلْقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ مَحَبَّتُهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: حَبَّبْتُكَ إِلَى عِبَادِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ أبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي قَالَ: تُرَبَّى بِعَيْنِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْآيَةِ قَالَ: لِتُغَذَّى عَلَى عَيْنِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: يَقُولُ: أَنْتَ بِعَيْنِي إِذْ جَعَلَتْكَ أُمُّكَ فِي التَّابُوتِ، ثُمَّ فِي الْبَحْرِ، وَإِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْخَطِيبُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إنما قتل موسى الذي

(1) . «مسح» : سحّ: انصبّ. «السابحات» : التي تبسط يديها إذا عدت. «الونى» : الفتور. «الكديد» : ما غلظ من الأرض. «المركل» : الذي ركلته الخيل بحوافرها. [.....]
[2] النازعات: 18.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 433
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست