responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 411
هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى الْمُفْتَخِرِينَ أَيْ: هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا، إِذَا عَايَنُوا مَا يُوعَدُونَ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ الدُّنْيَوِيِّ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ، أَوِ الْأُخْرَوِيِّ، فَسَيَعْلَمُونَ عِنْدَ ذلك من هو شرّ مكانا من الفريقين، وأضعف جندا منهما، أي: أنصارا وأعوانا. والمعنى: أنهم سيعلمون عند ذلك أنهم شَرٌّ مَكَانًا لَا خَيْرٌ مَكَانًا، وَأَضْعَفُ جُنْدًا لَا أَقْوَى وَلَا أَحْسَنُ مِنْ فَرِيقِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لِلْمُفْتَخِرِينَ هُنَالِكَ جُنْدًا ضُعَفَاءَ، بَلْ لَا جُنْدَ لَهُمْ أَصْلًا كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً [1] . ثُمَّ لَمَّا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ حَالِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ، أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَ أَهْلِ الْهِدَايَةِ فَقَالَ: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْهُدَى يَجُرُّ إِلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَالْخَيْرُ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ الْعِبَادَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْوَاوُ فِي «وَيَزِيدُ» لِلِاسْتِئْنَافِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حَالِ الْمُهْتَدِينَ وَقِيلَ: الْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى فَلْيَمْدُدْ وَقِيلَ: لِلْعَطْفِ عَلَى جُمْلَةِ: مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ جَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَزِيدَهُمْ يَقِينًا، كَمَا جَعَلَ جَزَاءَ الْكَافِرِينَ أَنْ يَمُدَّهُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً هِيَ الطَّاعَاتُ الْمُؤَدِّيَةُ إِلَى السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا خَيْرًا عِنْدَ اللَّهِ ثَوَابًا، أَنَّهَا أَنْفَعُ عَائِدَةً مِمَّا يَتَمَتَّعُ بِهِ الْكُفَّارُ مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَخَيْرٌ مَرَدًّا الْمَرَدُّ هَاهُنَا مَصْدَرٌ كالردّ، والمعنى: وخير مردّ لِلثَّوَابِ عَلَى فَاعِلِهَا لَيْسَتْ كَأَعْمَالِ الْكُفَّارِ الَّتِي خَسِرُوا فِيهَا، وَالْمَرَدُّ: الْمَرْجِعُ وَالْعَاقِبَةُ وَالتَّفَضُّلُ لِلتَّهَكُّمِ بهم وللقطع بِأَنَّ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ لَا خَيْرَ فِيهَا أَصْلًا. ثُمَّ أَرْدَفَ سُبْحَانَهُ مَقَالَةَ أُولَئِكَ الْمُفْتَخِرِينَ بِأُخْرَى مِثْلِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّعَجُّبِ فَقَالَ: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا أَيْ: أَخْبِرْنِي بِقِصَّةِ هَذَا الْكَافِرِ وَاذْكُرْ حَدِيثَهُ عَقِبَ حَدِيثِ أُولَئِكَ، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلُوا أَرَأَيْتَ بِمَعْنَى أَخْبَرَ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الشَّيْءِ مِنْ أَسْبَابِ صِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْهُ، وَالْآيَاتُ تَعُمُّ كُلَّ آيَةٍ وَمِنْ جُمْلَتِهَا آيَةُ الْبَعْثِ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ، أَيْ: أَنَظَرْتَ فَرَأَيْتَ، وَاللَّامُ فِي لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَداً هِيَ الْمُوَّطِئَةُ لِلْقَسَمِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَاللَّهِ لَأُوتَيَنَّ فِي الْآخِرَةِ مَالًا وَوَلَدًا، أَيِ: انْظُرْ إِلَى حَالِ هَذَا الْكَافِرِ، وَتَعَجَّبْ مِنْ كَلَامِهِ وَتَأَلِّيهِ عَلَى اللَّهِ مَعَ كُفْرِهِ بِهِ وَتَكْذِيبِهِ بِآيَاتِهِ. ثُمَّ أَجَابَ سُبْحَانَهُ عَنْ قَوْلِ هَذَا الْكَافِرِ بِمَا يَدْفَعُهُ وَيُبْطِلُهُ، فَقَالَ: أَطَّلَعَ
عَلَى الْغَيْبَ أَيْ:
أَعَلِمَ مَا غَابَ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً بذلك، فإن لَا يُتَوَصَّلُ إِلَى الْعِلْمِ إِلَّا بِإِحْدَى هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَظَرَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ؟ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا؟ وَقِيلَ:
مَعْنَى أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً؟: أَمْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَرْحَمَهُ بِهَا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَمْ قَدَّمَ عَمَلًا صَالِحًا فَهُوَ يَرْجُوهُ. وَاطَّلَعَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: اطَّلَعَ الْجَبَلَ إِذَا ارْتَقَى إِلَى أَعْلَاهُ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَوُلْدًا بِضَمِّ الْوَاوِ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، فَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، يُقَالُ: وَلَدٌ وَوُلْدٌ كَمَا يُقَالُ عَدَمٌ وَعُدْمٌ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعَاشِرًا ... قَدْ ثمّروا مالا وولدا

[1] الكهف: 43.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست