responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 387
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي نُبُوَّةِ مَرْيَمَ، فَقِيلَ: إِنَّهَا نَبِيَّةٌ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْإِرْسَالِ إِلَيْهَا وَمُخَاطَبَتِهَا لِلْمَلَكِ وَقِيلَ: لَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَلَّمَهَا الْمَلَكُ وَهُوَ عَلَى مِثَالِ الْبَشَرِ، وَقَدْ تقدّم الكلام في هذا فِي آلِ عِمْرَانَ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً
أَيِ: اتَّخَذَتْ مِنْ دُونِ أَهْلِهَا حِجَابًا يَسْتُرُهَا عَنْهُمْ لِئَلَّا يَرَوْهَا حَالَ الْعِبَادَةِ، أَوْ حَالَ التَّطَهُّرِ مِنَ الْحَيْضِ، وَالْحِجَابُ: السِّتْرُ وَالْحَاجِزُ فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ: هُوَ رُوحُ عِيسَى لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ الْأَجْسَادِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
أَيْ:
تَمَثَّلَ جِبْرِيلُ لَهَا بَشَرًا مُسْتَوِيَ الْخَلْقِ لَمْ يَفْقِدْ مِنْ نُعُوتِ بَنِي آدَمَ شَيْئًا، قِيلَ: وَوَجْهُ تَمَثُّلِ الْمَلَكِ لَهَا بَشَرًا أَنَّهَا لَا تُطِيقُ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الْمَلَكِ وَهُوَ عَلَى صُورَتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ فِي صُورَةِ إِنْسَانٍ حَسَنٍ كَامِلِ الْخَلْقِ قَدْ خَرَقَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ ظَنَّتْ أَنَّهُ يُرِيدُهَا بِسُوءٍ، فاستعاذت بالله منه، وقالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
أَيْ:
مِمَّنْ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَخَافُهُ وَقِيلَ: إِنَّ تَقِيًّا اسْمُ رَجُلٍ صَالِحٍ، فَتَعَوَّذَتْ مِنْهُ تَعَجُّبًا وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْمُ رَجُلٍ فَاجِرٍ مَعْرُوفٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَلَا تَتَعَرَّضْ لِي قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
أَيْ: قَالَ لَهَا جِبْرِيلُ: إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ الَّذِي اسْتَعَذْتِ بِهِ، وَلَسْتُ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ مَا خَطَرَ بِبَالِكِ مِنْ إِرَادَةِ السُّوءِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
جَعَلَ الْهِبَةَ مِنْ قِبَلِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا فِيهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْإِعْلَامِ لَهَا مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ النَّفْخِ قَامَ بِهِ فِي الظَّاهِرِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَوَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ لِيَهَبَ عَلَى مَعْنَى أَرْسَلَنِي لِيَهَبَ لَكِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْهَمْزِ. وَالزَّكِيُّ: الطَّاهِرُ مِنَ الذُّنُوبِ الَّذِي يَنْمُو عَلَى النَّزَاهَةِ وَالْعِفَّةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالزَّكِيِّ النَّبِيِّ قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ أَيْ: لَمْ يَقْرُبْنِي زَوْجٌ وَلَا غَيْرُهُ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا الْبَغِيُّ: هِيَ الزَّانِيَةُ الَّتِي تَبْغِي الرِّجَالَ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَصْلُهُ بَغُويٌ عَلَى فَعُولٍ، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً، ثُمَّ أُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ وَكُسِرَتِ الْغَيْنُ لِلْمُنَاسَبَةِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: إِنَّهُ فَعِيلٌ وَزِيَادَةُ ذِكْرِ كَوْنِهَا لَمْ تَكُ بَغِيًّا مَعَ كَوْنِ قَوْلِهَا لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ يَتَنَاوَلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ تَنْزِيهًا لِجَانِبِهَا مِنَ الْفَحْشَاءِ وَقِيلَ: مَا اسْتَبْعَدَتْ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَادَتْ كَيْفَ يكون هذا الْوَلَدُ هَلْ مِنْ قِبَلِ زَوْجٍ تَتَزَوَّجُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمْ يَخْلُقُهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ابْتِدَاءً؟ وَقِيلَ: إن المسّ عبادة عَنِ النِّكَاحِ الْحَلَالِ، وَعَلَى هَذَا لَا يُحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ وَجْهِ قَوْلِهَا: وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ شُمُولِهِ أَوْلَى بِاسْتِعْمَالَاتِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَمَا يُوجَدُ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ مِمَّا يَطُولُ تِعْدَادُهُ اه. وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ أَيْ: وَلِنَجْعَلَ هَذَا الْغُلَامَ، أَوْ خَلْقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، آيَةً لِلنَّاسِ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِمُعَلَّلٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ: خَلَقْنَاهُ لِنَجْعَلَهُ، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى عِلَّةٍ أُخْرَى مُضْمَرَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَجُمْلَةُ: قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَالْقَائِلُ هُوَ الْمَلَكُ، وَالْكَلَامُ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ زَكَرِيَّا. وَقَوْلُهُ: وَرَحْمَةً مِنَّا مَعْطُوفٌ عَلَى آيَةً: أَيْ وَلِنَجْعَلَهُ رَحْمَةً عَظِيمَةً كَائِنَةً مِنَّا لِلنَّاسِ لِمَا ينالونه منه مِنَ الْهِدَايَةِ وَالْخَيْرِ الْكَثِيِرِ لِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ رَحْمَةٌ لِأُمَّتِهِ وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا أَيْ: وَكَانَ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ أَمْرًا مُقَدَّرًا قَدْ قَدَّرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَجَفَّ بِهِ الْقَلَمُ فَحَمَلَتْهُ هَاهُنَا كَلَامٌ مَطْوِيٌّ، وَالتَّقْدِيرُ: فَاطْمَأَنَّتْ إِلَى قَوْلِهِ فَدَنَا مِنْهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا فَوَصَلَتِ النَّفْخَةُ إِلَى بَطْنِهَا فَحَمَلَتْهُ وَقِيلَ: كَانَتِ النَّفْخَةُ فِي ذَيْلِهَا، وَقِيلَ: فِي فَمِهَا. قِيلَ: إِنَّ وَضْعَهَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهَذَا الْحَمْلِ مِنْ

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست