responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 163
لَا تَكْسَعِ الشَّوْلَ بِأَغْبَارِهَا ... إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَنِ النَّاتِجُ «1»
وَالْإِغْبَارُ: بَقَايَا اللَّبَنِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَدَّرْنَا دَبَّرْنَا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى قَضَيْنَا، وَأَصْلُ التَّقْدِيرِ:
جَعْلُ الشَّيْءِ عَلَى مِقْدَارِ الْكِفَايَةِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلِ «قَدَرْنَا» بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: هُمَا بِمَعْنًى، وَإِنَّمَا أُسْنِدَ التَّقْدِيرُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِمَا لَهُمْ مِنَ الْقُرْبِ عِنْدَ اللَّهِ فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ هذه الجملة مستأنفة لبيان وإهلاك مَنْ يَسْتَحِقُّ الْهَلَاكَ وَتَنْجِيَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ النَّجَاةَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أَيْ: قَالَ لُوطٌ مُخَاطِبًا لَهُمْ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ، أَيْ: لَا أَعْرِفُكُمْ بَلْ أُنْكِرُكُمْ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ أَيْ: بِالْعَذَابِ الَّذِي كَانُوا يَشُكُّونَ فِيهِ، فَالْإِضْرَابُ هُوَ عَنْ مَجِيئِهِمْ بِمَا يُنْكِرُهُ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَا جِئْنَاكَ بِمَا خَطَرَ بِبَالِكَ مِنَ الْمَكْرُوهِ، بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا فِيهِ سُرُورُكَ، وَهُوَ عَذَابُهُمُ الَّذِي كُنْتَ تُحَذِّرُهُمْ مِنْهُ وَهُمْ يُكَذِّبُونَكَ وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ أَيْ: بِالْيَقِينِ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا تَرَدُّدَ، وَهُوَ الْعَذَابُ النَّازِلُ بِهِمْ لَا مَحَالَةَ وَإِنَّا لَصادِقُونَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ [2] فِي سورة هود: وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ كن من ورائهم تذودهم لئلا يتخلف مِنْهُمْ أَحَدٌ فَيَنَالَهُ الْعَذَابُ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَيْ: لَا تَلْتَفِتْ أَنْتَ وَلَا يَلْتَفِتْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَرَى مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَشْتَغِلَ بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ وَيَتَبَاطَأَ عَنْ سُرْعَةِ السَّيْرِ وَالْبُعْدِ عَنْ دِيَارِ الظَّالِمِينَ وَقِيلَ:
مَعْنَى لَا يَلْتَفِتْ لَا يَتَخَلَّفْ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ أَيْ: إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْمُضِيِّ إِلَيْهَا، وَهِيَ جِهَةُ الشَّامِ، وَقِيلَ: مِصْرُ، وَقِيلَ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى لُوطٍ، وَقِيلَ: أَرْضُ الْخَلِيلِ وَقَضَيْنا إِلَيْهِ أَيْ:
أَوْحَيْنَا إِلَى لُوطٍ ذلِكَ الْأَمْرَ وَهُوَ إِهْلَاكُ قَوْمِهِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَوْضِعُ أَنَّ نَصْبٌ، وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، وَالدَّابِرُ هُوَ الْآخِرُ، أَيْ: أَنَّ آخِرَ مَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ يَهْلَكُ وَقْتَ الصُّبْحِ، وَانْتِصَابُ مُصْبِحِينَ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمْ دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ، وَمِثْلُهُ:
فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: آمِنِينَ قَالَ: أَمِنُوا الْمَوْتَ فَلَا يَمُوتُونَ وَلَا يَكْبُرُونَ وَلَا يَسْقُمُونَ وَلَا يَعْرُونَ وَلَا يَجُوعُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قَالَ: الْعَدَاوَةِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: فِينَا وَاللَّهِ أَهْلُ الْجَنَّةِ نَزَلَتْ وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَحْيَاءٍ مِنَ الْعَرَبِ: فِي بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي تَيْمٍ، وَبَنِي عَدِيٍّ، فِيَّ وَفِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ كَثِيرٍ النّوّاء. قال: قلت

(1) . «الكسع» : ضرب ضرع الناقة بالماء البارد ليجف لبنها ويترادّ في ظهرها فيكون أقوى لها على الجدب في العام القابل.
«الشول» : جمع شائلة، وهي من الإبل التي أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فخفّ لبنها.
[2] هود: 81.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست