responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 134
رَبِّ أَخْبِرْنِي مَا أَدْنَى نِعْمَتِكَ عَلَيَّ؟ فَأَوْحَى إِلَيَّ: يَا دَاوُدُ تَنَفَّسَ فَتَنَفَّسَ، فَقَالَ: هَذَا أَدْنَى نِعْمَتِي عَلَيْكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ظُلْمِي وَكُفْرِي، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الظُّلْمُ، فَمَا بَالُ الْكُفْرِ؟ قال: إن الإنسان لظلوم كفّار.

[سورة إبراهيم (14) : الآيات 35 الى 41]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (39)
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (41)
قَوْلُهُ: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيِ: اذْكُرْ وَقْتَ قَوْلِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِسِيَاقِ مَا قَالَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَيَانُ كُفْرِ قُرَيْشٍ بِالنِّعَمِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ، وَهِيَ إِسْكَانُهُمْ مَكَّةَ بَعْدَ مَا بَيَّنَ كُفْرَهُمْ بِالنِّعَمِ الْعَامَّةِ وَقِيلَ: إِنَّ ذِكْرَ قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ هَاهُنَا لِمِثَالِ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَقِيلَ: لِقَصْدِ الدُّعَاءِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَإِنْكَارِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً الْمُرَادُ بِالْبَلَدِ هُنَا مَكَّةُ دَعَا إِبْرَاهِيمُ رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَهُ آمِنًا، أَيْ:
ذَا أَمْنٍ، وَقَدَّمَ طَلَبَ الْأَمْنِ عَلَى سَائِرِ الْمَطَالِبِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إِذَا انْتَفَى الْأَمْنُ لَمْ يَفْرَغِ الْإِنْسَانُ لِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً [1] ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَالِكَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَا مُجَرَّدُ الْأَمْنِ لِلْبَلَدِ، وَالْمَطْلُوبَ هُنَالِكَ الْبَلَدِيَّةُ وَالْأَمْنُ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ، يُقَالُ: جَنَّبْتُهُ كَذَا وَأَجْنَبْتُهُ وَجَنَّبْتُهُ أَيْ: بَاعَدْتُهُ عَنْهُ، وَالْمَعْنَى:
بَاعِدْنِي، وَبَاعِدْ بَنِيَّ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ قِيلَ: أَرَادَ بَنِيهِ مِنْ صُلْبِهُ وَكَانُوا ثَمَانِيَةً، وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ دَعْوَتِهِ مِنْ بَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ جَمِيعَ ذُرِّيَّتِهِ مَا تَنَاسَلُوا، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَعْبُدْ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ إِبْرَاهِيمَ صَنَمًا، وَالصَّنَمُ: هُوَ التِّمْثَالُ الَّذِي كَانَتْ تَصْنَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأَحْجَارِ وَنَحْوِهَا فَيَعْبُدُونَهُ.
وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيُّ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ «وَأَجْنِبْنِي» بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ، عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ أَجْنَبَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ أَسْنَدَ الْإِضْلَالَ إِلَى الْأَصْنَامِ مَعَ كَوْنِهَا جَمَادَاتٍ لَا تَعْقِلُ لِأَنَّهَا سَبَبٌ لِضَلَالِهِمْ فَكَأَنَّهَا أَضَلَّتْهُمْ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِدُعَائِهِ لِرَبِّهِ، ثُمَّ قَالَ: فَمَنْ تَبِعَنِي أَيْ: مَنْ تَبِعَ دِينِي مِنَ النَّاسِ فَصَارَ مُسْلِمًا مُوَحِّدًا فَإِنَّهُ مِنِّي أَيْ: مِنْ أَهْلِ دِينِي: جَعَلَ أَهْلَ مِلَّتِهِ كَنَفْسِهِ مُبَالَغَةً وَمَنْ عَصانِي فَلَمْ يُتَابِعْنِي وَيَدْخُلْ فِي مِلَّتِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَادِرٌ عَلَى أَنْ تَغْفِرَ لَهُ، وقيل: قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لا يغفر أن يشرك

[1] البقرة: 126. [.....]
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست