responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 76
النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَدَّى حُدُودَهُ. وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ أَهَمِّ الْقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَأَجَلِّ الْفَرَائِضِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلِهَذَا كَانَ تَارِكُهُ شَرِيكًا لِفَاعِلِ الْمَعْصِيَةِ وَمُسْتَحِقًّا لِغَضَبِ اللَّهِ وَانْتِقَامِهِ كَمَا وَقَعَ لِأَهْلِ السَّبْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَسَخَ مَنْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي الْفِعْلِ وَلَكِنْ تَرَكَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ، كَمَا مَسَخَ الْمُعْتَدِينَ فَصَارُوا جَمِيعًا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [1] ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ مُقَبِّحًا لِعَدَمِ التَّنَاهِي عَنِ الْمُنْكَرِ: لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ أَيْ مِنْ تَرْكِهِمْ لِإِنْكَارِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إِنْكَارُهُ تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ أَيْ مِنَ الْيَهُودِ مِثْلَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابِهِ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيِ الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسُوا عَلَى دِينِهِمْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَيْ سَوَّلَتْ وَزَيَّنَتْ، أَوْ مَا قَدَّمُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ لِيُرَدُّوا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ هُوَ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَيْ مُوجِبٌ سُخْطَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ هُوَ سُخْطُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ على حذف المبتدأ وَقِيلَ هُوَ: أَيْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بَدَلٌ مِنْ مَا وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ أَيْ نَبِيِّهُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَيِ الْمُشْرِكِينَ أَوْلِياءَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَرَسُولَهُ الْمُرْسَلُ إِلَيْهِمْ وَكِتَابَهُ الْمُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ قَدْ نَهَوْهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ أَيْ خَارِجُونَ عَنْ وِلَايَةِ اللَّهِ وَعَنِ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِكِتَابِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ يَقُولُ:
لَا تَبْتَدِعُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانُوا مِمَّا غَلَوْا فِيهِ أَنْ دَعَوْا لِلَّهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ قَالَ:
يَهُودُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ لَهُ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ قَالَ: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ إِلَى قَوْلِهِ: فاسِقُونَ ثُمَّ قَالَ: كَلَّا وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا» ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ جِدًّا فَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ يعني الزَّبُورِ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يَعْنِي فِي الْإِنْجِيلِ. وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ فِي الْآيَةِ قَالَ: لُعِنُوا عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ فَجُعِلُوا قِرَدَةً، وَعَلَى لِسَانِ عِيسَى فَجُعِلُوا خَنَازِيرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ مَرْفُوعًا: «قَتَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَقَامَ مِائَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عُبَّادِهِمْ فَأَمَرُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقُتِلُوا جَمِيعًا فِي آخِرِ النَّهَارِ، فَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ الْآيَاتِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أبي

[1] ق: 37.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست