responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 334
مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
لَهُ، يُعَاقِبُهُ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْهُ مِنَ الشِّقَاقِ. قَوْلُهُ: ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعُقَابِ، أَوِ الْخِطَابُ هُنَا لِلْكَافِرِينَ، كَمَا أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ: ذلِكُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْخِطَابِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: ذَلِكُمْ: رَفْعٌ بِإِضْمَارِ الْأَمْرِ أَوِ الْقِصَّةِ، أَيِ: الْأَمْرُ أَوِ الْقِصَّةُ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُضْمِرَ وَاعْلَمُوا. قَالَ فِي الْكَشَّافِ:
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى: عَلَيْكُمْ ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ، كَقَوْلِكَ زَيْدًا فَاضْرِبْهُ. قَالَ أَبُو حَيَّانَ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ عَلَيْكُمْ، لِأَنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ، وأسماء الأفعال لا تضمر، وتشبيهه: بزيدا فَاضْرِبْهُ، غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ فِيهِ:
عَلَيْكَ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ، وَجُمْلَةُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا، فَتَكُونُ الْإِشَارَةُ عَلَى هَذَا: إِلَى الْعِقَابِ الْعَاجِلِ الَّذِي أُصِيبُوا بِهِ وَيَكُونُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ: إِشَارَةً إِلَى الْعِقَابِ الْآجِلِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَوْمَ بَدْرٍ غَيْرَ الْمِقْدَادِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي تَحْتَ شَجَرَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فِيمَا أَغْشَاهُمُ اللَّهُ مِنَ النُّعَاسِ أَمَنَةً مِنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَمَنَةً مِنْهُ قَالَ: أَمْنًا مِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: أَمَنَةً مِنْهُ قَالَ: رَحْمَةً مِنْهُ، أَمَنَةً مِنَ الْعَدِّوِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: النُّعَاسُ فِي الرَّأْسِ، وَالنَّوْمُ فِي الْقَلْبِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: كَانَ النُّعَاسُ أَمَنَةً مِنَ اللَّهِ، وَكَانَ النُّعَاسُ نُعَاسَيْنِ: نُعَاسٌ يَوْمَ بَدْرٍ، وَنُعَاسٌ يَوْمَ أُحُدٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قَوْلِهِ:
وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ قَالَ: طَشٌّ [1] كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: الْمَطَرُ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ النُّعَاسِ فَأَطْفَأَ بِالْمَطَرِ الْغُبَارَ، وَالْتَبَدَتْ بِهِ الْأَرْضُ، وَطَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَثَبَتَتْ بِهِ أَقْدَامُهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ السَّمَاءَ وَكَانَ الْوَادِي دَهْسًا، وَأَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ما لبد الأرض ولم يمنعهم المسير، وَأَصَابَ قُرَيْشًا مَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَرْتَحِلُوا مَعَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ غَلَبُوا المسلمين في أوّل أمرهم على الماء، فظمئ الْمُسْلِمُونَ وَصَلَّوْا مُجْنِبِينَ مُحْدِثِينَ، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَزَنَ وَقَالَ أَتَزْعُمُونِ أَنَّ فِيكُمْ نَبِيًّا وَأَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ وَتُصَلُّونَ مُجْنِبِينَ مُحْدَثِينَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي مَاءً، فَشَرِبَ الْمُسْلِمُونَ وَتَطَهَّرُوا، وَثَبَتَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَذَهَبَتْ وسوسته. وقد قدّمنا الْمَشْهُورَ فِي كُتُبِ السِّيَرِ الْمُعْتَمِدَةِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَغْلِبُوا الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمَاءِ بَلِ الْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَيْهِ مِنَ الِابْتِدَاءِ، وَهَذَا الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِسْنَادِهِ الْعَوْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم وأبو

[1] قال في القاموس: الطّشّ والطّشيش: المطر الضعيف وهو فوق الرذاذ.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست