responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 331
مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» الْحَدِيثَ. فَاسْتَجابَ لَكُمْ عَطْفٌ عَلَى تَسْتَغِيثُونَ دَاخِلٌ مَعَهُ فِي التَّذْكِيرِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْبِلًا فَهُوَ بِمَعْنَى الْمَاضِي، وَلِهَذَا عَطَفَ عَلَيْهِ: اسْتَجَابَ. قَوْلُهُ: أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَيْ: بِأَنِّي مُمِدُّكُمْ، فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ وَأَوْصَلَ الْفِعْلَ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَقُرِئَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى إِرَادَةِ الْقَوْلِ، أَوْ عَلَى أَنَّ فِي، اسْتَجَابَ: مَعْنَى الْقَوْلِ. قَوْلُهُ: مُرْدِفِينَ قَرَأَ نَافِعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا اسْمُ فَاعِلٍ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى: أَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَهُمْ تَابِعًا لِبَعْضٍ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّهُمْ جُعِلُوا بَعْضَهُمْ تَابِعًا لِبَعْضٍ وَقِيلَ: إِنَّ مُرْدِفِينَ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ، نَعْتٌ لِأَلْفٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَلَى القراءة الأولى حال من الضمير المنصوب فِي مُمِدُّكُمْ، أَيْ: مُمِدُّكُمْ فِي حَالِ إِرْدَافِكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ رَدَفَ وَأَرْدَفَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَأَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ لقوله تعالى: تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ [1] وَلَمْ يَقُلِ الْمُرْدَفَةُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفِي الْآيَةِ قِرَاءَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ «مُرُدِّفِينَ» بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً. وَقِرَاءَةٌ رَابِعَةٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ. وَقَرَأَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرَيُّ «بِآلَافٍ» جَمْعِ أَلْفٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي آلِ عِمْرَانَ، وَالضَّمِيرُ فِي وَما جَعَلَهُ اللَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْإِمْدَادِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَنِّي مُمِدُّكُمْ، إِلَّا بُشْرى أَيْ: إِلَّا بِشَارَةً لَكُمْ بِنَصْرِهِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، أَيْ: مَا جُعِلَ إِمْدَادُكُمْ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا لِلْبُشْرَى لَكُمْ بِالنَّصْرِ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ أَيْ: بِالْإِمْدَادِ قُلُوبُكُمْ، وَفِي هَذَا إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُقَاتِلُوا، بَلْ أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ لِلْبُشْرَى لَهُمْ وَتَطْمِينِ قُلُوبِهِمْ وَتَثْبِيتِهَا، وَاللَّامُ فِي لِتَطْمَئِنَّ: مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُقَدَّرُ مُتَأَخِّرًا، أَيْ: وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا لِشَيْءٍ آخَرَ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ، لَيْسَ لِلْمَلَائِكَةِ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ، فَهُوَ النَّاصِرُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَيْسُوا إِلَّا سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ الَّتِي سَبَّبَهَا اللَّهُ لَكُمْ، وَأَمَدَّكُمْ بِهَا إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لَا يُغَالَبُ حَكِيمٌ فِي كُلِّ أَفْعَالِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ مَيْمَنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَنَزَلَ مِيكَائِيلُ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ مَيْسَرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا فِي الْمَيْسَرَةِ. وَأَخْرَجَ سُنَيْدٌ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا أُمِدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْأَنْفَالِ، وَمَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْآلَافَ وَالْخَمْسَةَ الْآلَافَ إِلَّا بُشْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مُرْدِفِينَ قَالَ: مُتَتَابِعِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ:
مُرْدِفِينَ يَقُولُ: الْمَدَدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: وَرَاءَ كُلِّ مَلَكٍ مَلَكٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ أَلْفٌ مُرْدِفِينَ وَثَلَاثَةُ آلَافٍ مُنْزَلِينَ، فَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَهُمْ مَدَدُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثُغُورِهِمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: مُرْدِفِينَ قَالَ: مُجِدِّينَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ:
مُتَتَابِعِينَ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةٍ، ثُمَّ أَكْمَلَهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ قَالَ: يَعْنِي نُزُولَ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ: أَمَّا يَوْمُ بَدْرٍ فَلَا نَشُكُّ أَنَّ الملائكة

[1] النازعات: 7.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست