responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 297
أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا لِشِدَّةِ حِرْصِهِمْ وَقُوَّةِ نَهْمَتِهِمْ، وَالْأَدْنَى: مَأْخُوذٌ مِنَ الدُّنُوِّ، وَهُوَ الْقُرْبُ، أَيْ: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الشَّيْءِ الْأَدْنَى، وَهُوَ الدُّنْيَا يَتَعَجَّلُونَ مَصَالِحَهَا بِالرِّشَاءِ وَمَا هُوَ مَجْعُولٌ لَهُمْ مِنَ السُّحْتِ فِي مُقَابَلَةِ تَحْرِيفِهِمْ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، وَتَهْوِينِهِمْ لِلْعَمَلِ بِأَحْكَامِ التَّوْرَاةِ وَكَتْمِهِمْ لِمَا يَكْتُمُونَهُ مِنْهَا وَقِيلَ: إِنَّ الْأَدْنَى مَأْخُوذٌ مِنَ الدَّنَاءَةِ وَالسُّقُوطِ، أَيْ: إِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ عَرَضَ الشَّيْءِ الدَّنِيءِ السَّاقِطِ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا أَيْ: يُعَلِّلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ مَعَ تَمَادِيهِمْ فِي الضَّلَالَةِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِمْ إِلَى الْحَقِّ، وَجُمْلَةُ يَأْخُذُونَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً لِبَيَانِ حَالِهِمْ، أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَجُمْلَةُ يَقُولُونَ مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ: التَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ لَهُمْ، وَجُمْلَةُ وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: يَتَعَلَّلُونَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ إِذَا أَتَاهُمْ عَرَضٌ مِثْلُ الْعَرَضِ الَّذِي كَانُوا يَأْخُذُونَهُ أَخَذُوهُ غَيْرَ مُبَالِينَ بِالْعُقُوبَةِ وَلَا خائفين من التبعة وقيل: الضمير في يَأْتِهِمْ لِيَهُودِ الْمَدِينَةِ، أَيْ: وَإِنْ يَأْتِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ الَّذِينَ هُمْ فِي عَصْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَرَضٌ مِثْلُ الْعَرَضِ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ أَسْلَافُهُمْ أَخَذُوهُ كَمَا أَخَذَهُ أَسْلَافُهُمْ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَيِ: التَّوْرَاةِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، وَجُمْلَةُ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى يُؤْخَذْ عَلَى الْمَعْنَى، وَقِيلَ: عَلَى وَرِثُوا الْكِتابَ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ بِتَقْدِيرِ قَدْ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْعَمَلَ بِالْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذِ عَلَيْهِمْ فِي الْكِتَابِ، وَالْحَالُ أَنْ قَدْ دَرَسُوا مَا فِي الْكِتَابِ وَعَلِمُوهُ، فَكَانَ التَّرْكُ مِنْهُمْ عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ جَهْلٍ، وَذَلِكَ أَشَدُّ ذَنْبًا وَأَعْظَمُ جُرْمًا. وَقِيلَ: مَعْنَى دَرَسُوا مَا فِيهِ أَيْ: مَحْوَهُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ، وَالْفَهْمِ لَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ دَرَسَتِ الرِّيحُ الْآثَارَ: إِذَا مَحَتْهَا وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ الَّذِي أَخَذُوهُ وَآثَرُوهُ عَلَيْهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ اللَّهَ وَيَجْتَنِبُونَ مَعَاصِيهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ فَتَعْلَمُونَ بِهَذَا وَتَفْهَمُونَهُ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ قَوْلُهُ: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ يُمَسِّكُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ مَسَّكَ وَتَمَسَّكَ، أَيِ: اسْتَمْسَكَ بِالْكِتَابِ: وَهُوَ التَّوْرَاةُ. وَقَرَأَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ بالتخفيف من أمسك ويمسك. وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَرَأَ مَسَكُوا وَالْمَعْنَى: أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَتَمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَلَا يَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ مَعَ كَوْنِهِمْ قَدْ دَرَسُوهُ وَعَرَفُوهُ وَهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَطَائِفَةٌ يَتَمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ، أَيِ: التَّوْرَاةِ، وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ، فَهُمُ الْمُحْسِنُونَ الَّذِينَ لَا يَضِيعُ أَجْرُهُمْ عند الله، والموصول: مبتدأ، وإِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ خَبَرُهُ، أَيْ: لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنْصِيصُ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَ كَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَفْعَلُهَا الْمُتَمَسِّكُونَ بِالتَّوْرَاةِ لِأَنَّهَا رَأَسُ الْعِبَادَاتِ وَأَعْظَمُهَا، فَكَانَ ذَلِكَ وَجْهًا لِتَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ وَقِيلَ: لِأَنَّهَا تُقَامُ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالتَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ مُسْتَمِرٌّ فَذُكِرَتْ لِهَذَا، وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ فِي الْغَالِبِ تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُولُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَوْصُولِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ، وَلِكَوْنِ أَفَلا تَعْقِلُونَ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ قَالَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَسُوءُ الْعَذَابِ: الْجِزْيَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست