responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 287
يَقُولُ: وَقَدْ عَلِمَ مُوسَى أَنَّهُ لَا يَهْلِكُ أَحَدٌ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّهُ كَقَوْلِ عِيسَى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ [1] وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسُّفَهَاءِ: السَّبْعُونَ، والمعنى: أتهلك بني إسرائيل لما فَعَلَ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءُ فِي قَوْلِهِمْ: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِمُ: السَّامِرِيُّ وَأَصْحَابُهُ. قَوْلُهُ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أَيْ: مَا الْفِتْنَةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءُ إِلَّا فِتْنَتُكَ الَّتِي تَخْتَبِرُ بِهَا مَنْ شِئْتَ وَتَمْتَحِنُ بِهَا مَنْ أَرَدْتَ، وَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَفَادَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ [2] تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَيْ: تُضِلُّ بِهَذِهِ الْفِتْنَةِ مَنْ تَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ، وَتَهْدِي بِهَا مَنْ تَشَاءُ مِنْهُمْ، وَمِثْلُهُ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [3] ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الِاسْتِعْطَافِ وَالدُّعَاءِ فَقَالَ أَنْتَ وَلِيُّنا أَيِ: الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِنَا فَاغْفِرْ لَنا مَا أَذْنَبْنَاهُ وَارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ لِلذُّنُوبِ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً بِتَوْفِيقِنَا لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، أَوْ تَفَضَّلْ عَلَيْنَا بِإِفَاضَةِ النِّعَمِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْعَافِيَةِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَفِي الْآخِرَةِ أَيْ: وَاكْتُبْ لَنَا فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةَ بِمَا تُجَازِينَا بِهِ، أَوْ بِمَا تَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَيْنَا مِنَ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ، وَجُمْلَةُ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْحَسَنَةِ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، أَيْ: إِنَّا تُبْنَا إِلَيْكَ وَرَجَعْنَا عَنِ الْغَوَايَةِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَالْهَوْدُ: التَّوْبَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ، وَجُمْلَةُ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ مُسْتَأْنَفَةٌ كَنَظَائِرِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْعَذَابِ هُنَا: الرَّجْفَةُ، وَقِيلَ: أَمْرُهُ سُبْحَانَهُ لَهُمْ بِأَنْ يَقْتُلُوا أَنْفُسَهُمْ، أَيْ: لَيْسَ هَذَا إِلَيْكَ يَا مُوسَى، بَلْ مَا شِئْتُ كَانَ، وَمَا لَمْ أَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَذَابَ هُنَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ كُلُّ عَذَابٍ، وَيَدْخُلُ فِيهِ عَذَابُ هَؤُلَاءِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ أَشَاءُ مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْعَذَابِ، أَوْ مَنْ أَشَاءُ أَنْ أُضِلَّهُ وَأَسْلُبَهُ التَّوْفِيقَ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ سَيَكْتُبُ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الْوَاسِعَةَ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الذُّنُوبَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْهِمْ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ أَيْ: يُصَدِّقُونَ بِهَا وَيُذْعِنُونَ لَهَا، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَتَبَ لَهُمْ هَذِهِ الرَّحْمَةَ بِبَيَانٍ أَوْضَحَ مِمَّا قَبْلَهُ وَأَصْرَحَ فَقَالَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ وَهُوَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَخَرَجَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَسَائِرُ الْمِلَلِ. وَالْأُمِّيُّ: إِمَّا نِسْبَةٌ إِلَى الْأُمَّةِ الْأُمِّيَّةِ الَّتِي لَا تَكْتُبُ وَلَا تَحْسِبُ، وَهُمُ الْعَرَبُ، أَوْ نِسْبَةٌ إِلَى الْأُمِّ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي وُلِدَ عَلَيْهَا لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ الْمَكْتُوبَ وَقِيلَ: نِسْبَةٌ إِلَى أُمِّ الْقُرَى، وَهِيَ مَكَّةُ الَّذِي يَجِدُونَهُ يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، أَيْ:
يَجِدُونَ نَعْتَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَهُمَا مَرْجِعُهُمْ فِي الدِّينِ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ مع موسى هو قَبْلَ نُزُولِ الْإِنْجِيلِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ بِمَا سَيَكُونُ، ثُمَّ وَصَفَ هَذَا النَّبِيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، أَيْ: بِكُلِّ مَا تَعْرِفُهُ الْقُلُوبُ وَلَا تُنْكِرُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ أَيْ: مَا تُنْكِرُهُ الْقُلُوبُ وَلَا تَعْرِفُهُ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ، قِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ إِلَى قَوْلِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ كَلَامٌ يَتَضَمَّنُ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الرَّحْمَةِ الَّتِي وَعَدَ بِهَا، ذَكَرَ مَعْنَاهُ الزَّجَّاجُ، وَقِيلَ: هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ النَّبِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ مَكْتُوباً. قَوْلُهُ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أَيِ: الْمُسْتَلَذَّاتِ، وَقِيلَ: يُحِلُّ لَهُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي حرّمت عليهم بسبب

[1] المائدة: 118.
[2] طه: 85.
[3] هود: 7.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست