responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 164
الدَّلَالَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَبَدِيعِ حَكَمْتِهِ. قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ أَيْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ بَدِيعِ خَلْقِهِ الدَّالِّ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَالْأَعْرَجُ وَالنَّخَعِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، وَهُمَا مرفوعان على أنهما مبتداءان وَخَبَرُهُمَا مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَمِنْكُمْ مُسْتَقَرٌّ أَوْ فَلَكُمْ مُسْتَقَرٌّ، التَّقْدِيرُ الْأَوَّلُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِي عَلَى الثَّانِيَةِ: أَيْ فَمِنْكُمْ مُسْتَقَرٌّ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، أَوْ فَلَكُمْ مُسْتَقَرٌّ عَلَى ظَهْرِهَا، وَمِنْكُمْ مُسْتَوْدَعٌ فِي الرَّحِمِ أَوْ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ أَوْ فِي الصُّلْبِ وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ فِي الرَّحِمِ، وَالْمُسْتَوْدَعُ فِي الْأَرْضِ وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ فِي الْقَبْرِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ يَقُولُونَ: الْمُسْتَقَرُّ مَا كَانَ فِي الرَّحِمِ، وَالْمُسْتَوْدَعُ مَا كَانَ فِي الصُّلْبِ وَقِيلَ: الْمُسْتَقَرُّ مَنْ خُلِقَ، وَالْمُسْتَوْدَعُ مَنْ لَمْ يُخْلَقْ وَقِيلَ: الِاسْتِيدَاعُ إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِمْ فِي الْقُبُورِ إِلَى الْمَبْعَثِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُسْتَقَرِّ بِالْكَوْنِ عَلَى الْأَرْضِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ [1] ، وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ هَاهُنَا يَفْقَهُونَ وَفِيمَا قَبْلَهُ يَعْلَمُونَ لِأَنَّ فِي إِنْشَاءِ الْأَنْفُسِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعْلِ بَعْضِهَا مُسْتَقَرًا وَبَعْضَهَا مُسْتَوْدَعًا مِنَ الْغُمُوضِ وَالدِّقَّةِ مَا لَيْسَ فِي خَلْقِ النُّجُومِ لِلِاهْتِدَاءِ، فَنَاسَبَهُ ذِكْرُ الْفِقْهِ لِإِشْعَارِهِ بِمَزِيدِ تَدْقِيقٍ وَإِمْعَانِ فِكْرٍ. قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ عَجَائِبَ مَخْلُوقَاتِهِ. وَالْمَاءُ هُوَ مَاءُ الْمَطَرِ، وَفِي فَأَخْرَجْنا بِهِ الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى التَّكَلُّمِ إِظْهَارًا لِلْعِنَايَةِ بِشَأْنِ هَذَا الْمَخْلُوقِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ، وَالضَّمِيرُ في بِهِ عائد إلى الماء، ونَباتَ كُلِّ شَيْءٍ يَعْنِي كُلَّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ النَّبَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى رِزْقِ كُلِّ شَيْءٍ، وَالتَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى. ثُمَّ فَصَّلَ هَذَا الْإِجْمَالَ فَقَالَ:
فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً قَالَ الْأَخْفَشُ: أَيْ أَخْضَرَ. وَالْخَضِرُ: رَطْبُ الْبُقُولِ، وَهُوَ مَا يَتَشَعَّبُ مِنَ الْأَغْصَانِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْحَبَّةِ وَقِيلَ: يُرِيدُ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالذُّرَةَ وَالْأُرْزَ وَسَائِرَ الْحُبُوبِ نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِخَضِرًا: أَيْ نَخْرُجُ مِنَ الْأَغْصَانِ الْخُضْرِ حَبًا مُتَرَاكِبًا: أَيْ مُرَكَّبًا بَعْضُهُ عَلَى بَعْضِهِ كَمَا فِي السَّنَابِلِ وَمِنَ النَّخْلِ خبر مقدّم، ومِنْ طَلْعِها بَدَلٌ مِنْهُ، وَعَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ يَخْرُجُ مِنْهُ حَبٌّ يَكُونُ ارْتِفَاعُ قِنْوَانٍ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى حَبٍّ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ قِنْوَانًا عَطْفًا عَلَى حَبًّا، وَتَمِيمٌ يَقُولُونَ قِنْيَانٍ. وَقُرِئَ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ اللُّغَتَيْنِ، لُغَةِ قَيْسٍ، وَلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَالطَّلْعُ: الْكُفْرِيُّ قَبْلَ أَنْ يَنْشَقَّ عَنِ الْإِغْرِيضِ [2] ، وَالْإِغْرِيضُ يُسَمَّى طَلْعًا أَيْضًا. وَالْقِنْوَانُ: جَمْعُ قِنْوٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَمْعِهِ وَتَثْنِيَتِهِ أَنَّ الْمُثَنَّى مَكْسُورُ النُّونِ، وَالْجَمْعُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْإِعْرَابُ، وَمِثْلُهُ صِنْوَانٌ. وَالْقِنْوُ: الْعِذْقُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقِنْوَانَ أَصْلُهُ مِنَ الطَّلْعِ. وَالْعِذْقُ هُوَ عُنْقُودُ النَّخْلِ، وَقِيلَ الْقِنْوَانُ: الْجِمَارُ. وَالدَّانِيَةُ: الْقَرِيبَةُ الَّتِي يَنَالُهَا الْقَائِمُ وَالْقَاعِدُ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى: مِنْهَا دَانِيَةٌ، وَمِنْهَا بعيدة فحذف، ومثله سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [3] وَخَصَّ الدَّانِيَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْآيَةِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالِامْتِنَانِ، وَذَلِكَ فِيمَا يَقْرُبُ تَنَاوُلُهُ أكثر. قوله: وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ

[1] البقرة: 36.
[2] قال في القاموس: الطّلع من النخيل شيء يخرج كأنه نعلان مطبقان وقشره يسمى الكفري وما في داخله الإغريض لشدة بياضه.
[3] النحل: 81. [.....]
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست