responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 144
فِي شِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ وَكَرْبٍ يَبْعَثُ عَذَابَهُ عَلَيْكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَالْعَذَابُ الْمَبْعُوثُ مِنْ جِهَةِ الْفَوْقِ: مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ الْمَطَرِ وَالصَّوَاعِقِ. وَالْمَبْعُوثُ مِنْ تَحْتِ الْأَرْجُلِ: الْخَسْفُ وَالزَّلَازِلُ وَالْغَرَقُ، وَقِيلَ: مِنْ فَوْقِكُمْ يَعْنِي الْأُمَرَاءَ الظَّلَمَةَ ومِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يَعْنِي السَّفَلَةَ وَعَبِيدَ السُّوءِ. قَوْلُهُ: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ، مِنْ لَبَسَ الْأَمْرَ: إِذَا خَلَطَهُ، وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ بِضَمِّهَا: أَيْ يَجْعَلُ ذَلِكَ لِبَاسًا لَكُمْ قِيلَ وَالْأَصْلُ: أَوْ يَلْبِسُ عَلَيْكُمْ أَمْرَكُمْ، فَحَذَفَ أَحَدَ الْمَفْعُولَيْنِ مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ وَالْمَعْنَى: يَجْعَلُكُمْ مُخْتَلِطِي الْأَهْوَاءِ مُخْتَلِفِي النِّحَلِ مُتَفَرِّقِي الْآرَاءِ وَقِيلَ:
يَجْعَلُكُمْ فِرَقًا يُقَاتِلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَالشِّيَعُ: الْفِرَقُ، أَيْ يَخْلِطُكُمْ فِرَقًا. قَوْلُهُ: وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أَيْ يُصِيبُ بَعْضَكُمْ بِشِدَّةِ بَعْضٍ مِنْ قَتْلٍ وَأَسْرٍ وَنَهْبٍ وَيُذِيقَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَبْعَثَ، وَقُرِئَ: «نُذِيقُ» بِالنُّونِ. انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْحُجَجَ وَالدَّلَالَاتِ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ الْحَقِيقَةَ فَيَعُودُونَ إِلَى الْحَقِّ الَّذِي بَيَّنَّاهُ لَهُمْ بَيَانَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عن قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يَقُولُ: مِنْ كَرْبِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَقُولُ: إِذَا أَضَلَّ الرَّجُلُ الطَّرِيقَ دَعَا اللَّهَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [1] . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ: يَعْنِي مِنْ أُمَرَائِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يَعْنِي سَفَلَتَكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً يَعْنِيَ بِالشِّيَعِ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ: يُسَلِّطُ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقَتْلِ وَالْعَذَابِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ قَالَ: عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَئِمَّةُ السُّوءِ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: خَدَمُ السُّوءِ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَالَ: مِنْ فَوْقِكُمْ مِنْ قِبَلِ أُمَرَائِكُمْ وَأَشْرَافِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: مِنْ قِبَلِ سَفَلَتِكُمْ وَعَبِيدِكُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ: الْقَذْفُ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: الْخَسْفُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ: الصَّيْحَةُ وَالْحِجَارَةُ وَالرِّيحُ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: الرَّجْفَةُ وَالْخَسْفُ، وَهُمَا عَذَابُ أَهْلِ التَّكْذِيبِ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ: عَذَابُ أَهْلِ الْإِقْرَارِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قَالَ: هَذَا أَهْوَنُ أَوْ أَيْسَرُ» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ ثَوْبَانَ، وَفِيهِ: «وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا» . وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ، حَتَّى إذا مرّ بمسجد بني معاوية

[1] يونس: 22.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست