responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 346
يَكْفُونَ. وَقَوْلُهُ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ مُتَعَلِّقٌ بمحذوف وقع صفة لرجل وَامْرَأَتَانِ، أَيْ: كَائِنُونَ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ، حَالَ كَوْنِهِمْ مِنَ الشُّهَدَاءِ. وَالْمُرَادُ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُمْ وَعَدَالَتَهُمْ، وَفِيهِ: أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِرَجُلٍ، وَأَنَّهَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ إِلَّا مَعَ الرَّجُلِ لَا وَحْدَهُنَّ، إِلَّا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي كَمَا جَازَ الْحُكْمُ بِرَجُلٍ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ الْمَرْأَتَيْنِ كَالرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْخِلَافِ فِي الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَالْحَقُّ أَنَّهُ جَائِزٌ لِوُرُودِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَهُوَ زِيَادَةٌ لَمْ تُخَالِفْ مَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُهَا. وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي شَرْحِنَا لِلْمُنْتَقَى وَغَيْرِهِ مِنْ مُؤَلَّفَاتِنَا، وَمَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ مَنْ يَفْهَمُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا يُرَدُّ بِهِ قَضَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلَمْ يَدْفَعُوا هَذَا إِلَّا بِقَاعِدَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ هِيَ قولهم: إِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، وَهَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ، بَلِ الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ شَرِيعَةٌ ثَابِتَةٌ جَاءَنَا بِهَا مَنْ جَاءَنَا بِالنَّصِّ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهَا، وَأَيْضًا كَانَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ لَا يَحْكُمُوا بِنُكُولِ الْمَطْلُوبِ وَلَا بِيَمِينِ الرَّدِّ عَلَى الطَّالِبِ. وَقَدْ حَكَمُوا بِهِمَا. وَالْجَوَابُ الْجَوَابُ. قَوْلُهُ: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَى تَضِلَّ: تَنْسَى. وَالضَّلَالُ عَنِ الشَّهَادَةِ:
إِنَّمَا هُوَ نِسْيَانُ جُزْءٍ مِنْهَا وَذِكْرُ جُزْءٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ: «إِنْ تَضِلَّ» بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ. وَقَوْلُهُ: فَتُذَكِّرَ جَوَابُهُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ هُوَ مَنْصُوبٌ بِالْعَطْفِ عَلَى تَضِلَّ، وَمَنْ رَفَعَهُ فَعَلَى الِاسْتِئْنَافِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو «فَتُذْكِرَ» بِتَخْفِيفِ الذَّالِ وَالْكَافِ، وَمَعْنَاهُ: تَزِيدُهَا ذِكْرًا. وقراءة الجماعة:
بالتشديد، أي: تنبهها إِذَا غَفَلَتْ وَنَسِيَتْ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَعْلِيلٌ لِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِي النِّسَاءِ، أَيْ: فَلْيَشْهَدْ رَجُلٌ وَتَشْهَدِ امْرَأَتَانِ عِوَضًا عَنِ الرَّجُلِ الْآخَرِ، لِأَجْلِ تَذْكِيرِ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى إِذَا ضَلَّتْ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَهُوَ سُؤَالُ سَائِلٍ عَنْ وَجْهِ اعْتِبَارِ امْرَأَتَيْنِ عِوَضًا عَنِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، فَقِيلَ: وَجْهُهُ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَالْعِلَّةُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ التَّذْكِيرُ، وَلَكِنَّ الضَّلَالَ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لَهُ نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ، وأبهم الفاعل في تضلّ وتذكر، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْوَصْفَانِ فَالْمَعْنَى: إِنْ ضَلَّتْ هَذِهِ ذَكَّرَتْهَا هَذِهِ، وَإِنْ ضَلَّتْ هَذِهِ ذَكَّرَتْهَا هَذِهِ، لَا عَلَى التَّعْيِينِ، أَيْ: إِنْ ضَلَّتْ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ ذَكَّرَتْهَا الْمَرْأَةُ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ فِيهِمَا هَذَا التَّذْكِيرُ لِمَا يَلْحَقُهُمَا مِنْ ضَعْفِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ. وَقَدْ يَكُونُ الْوَجْهُ فِي الْإِبْهَامِ: أَنَّ ذَلِكَ، يَعْنِي: الضَّلَالَ والتذكر يَقَعُ بَيْنَهُمَا مُتَنَاوِبًا حَتَّى رُبَّمَا ضَلَّتْ هَذِهِ عَنْ وَجْهٍ وَضَلَّتْ تِلْكَ عَنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَذَكَّرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَاحِبَتَهَا. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى تُصَيِّرَهَا ذَكَرًا، يَعْنِي أَنَّ مَجْمُوعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ مِثْلُ شَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ شَرْعٌ وَلَا لُغَةٌ وَلَا عَقْلٌ. قَوْلُهُ: وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا مَا دُعُوا أَيْ: لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ تَحَمَّلُوهَا مِنْ قَبْلُ وَقِيلَ: إِذَا مَا دُعُوا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَتَسْمِيَتُهُمْ شُهَدَاءَ مَجَازٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَمَلَهَا الْحَسَنُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ. وَظَاهِرُ هَذَا النَّهْيِ أَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ حَرَامٌ. قوله: وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ مَعْنَى تَسْأَمُوا: تَمَلُّوا. قَالَ الْأَخْفَشُ: يقال سئمت أسأم سآمة وسآما، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست