responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 100
قوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ قد شرحناه في الفرقان [1] . وقال مقاتل: نزلت هذه الآية في الحارث بن قيس السهمي. قوله تعالى: وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ أي: على عِلْمه السابق فيه أنه لا يَهتدي وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ أي: طَبَع عليه فلم يسمع الهدى وَعلى قَلْبِهِ فلم يَعْقِل الهُدى، وقد ذكرنا الغِشاوة والخَتْم في (البقرة) [2] . فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أي: مِنْ بَعْدِ إِضلاله إِيّاه أَفَلا تَذَكَّرُونَ فتَعْرِفوا قُدرته على ما يشاء؟!. وما بعد هذا مفسَّر في سورة المؤمنون [3] إلى قوله: وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ أي:
اختلاف الليل والنهار وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ أي: ما قالوه عن عِلْم، إِنَّما قالوه شاكِّين فيه. ومن أجل هذا قال نبيُّنا عليه الصلاة والسلام:
(1261) «لا تَسُبُّوا الدَّهْر فإنَّ الله هو الدَّهْر» ، أي: هو الذي يهلككم، لا ما تتوهّمونه من مرور الزمان.
وما بعد هذا ظاهر، وقد تقدّم بيانه [4] إِلى قوله: يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ يعني المكذِّبين الكافرين أصحابَ الأباطيل والمعنى: يظهر خسرانُهم يومئذ. وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ قال الفراء ترى أهل كل دين جاثِيَةً قال الزجاج: أي: جالسة على الرُّكَب، يقال: قد جثا فلان جُثُواً: إِذا جلس على ركبتيه، ومِثْلُه: جَذا يَجْذو. والجُذُوُّ أشد استيفازاً من الجُثُوِّ، لأن الجُذُوَّ: أن يجلس صاحبه على أطراف أصابعه. قال ابن قتيبة: والمعنى أنها غير مطمئنَّة.
قوله تعالى: كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كتابها الذي فيه حسناتها وسيِّئاتها، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنه حسابها، قاله الشعبي، والفراء، وابن قتيبة.
والثالث: كتابها الذي أنزل على رسوله، حكاه الماوردي. ويقال لهم: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. هذا كِتابُنا وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كتاب الأعمال الذي تكتبه الحَفَظة، قاله ابن السائب. والثاني:
اللوح المحفوظ، قاله مقاتل. والثالث: القرآن، والمعنى أنهم يقرءونه فيَدُلُّهم ويُذكِّرُهم، فكأنه يَنْطِق عليهم، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي: نأمر الملائكة بنسخ أعمالكم، أي بكَتْبها وإِثباتها. وأكثر المفسرين على أن هذا الاستنساخ، من اللوح المحفوظ، تَسْتَنْسِخُ الملائكةُ كلّ عام ما

صحيح. أخرجه البخاري 4826 و 7491 ومسلم 2246 والحميدي 1096 وأبو داود 5274 وأحمد [2]/ 238 وابن حبان 5715 والبغوي 3389 والبيهقي في «السنن [3]/ 365 والطبري 31207 كلهم من حديث أبي هريرة، واللفظ لمسلم ورواه البخاري بمعناه. قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» [4]/ 179: كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة، قالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعلها هو الله فكأنهم إنما سبّوا الله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة، فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار، لأن الله هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الأفعال. هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد والله أعلم. وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدّهم الدهر من الأسماء الحسنى، أخذا من هذا الحديث.

[1] الفرقان: 43.
[2] البقرة: 7.
[3] المؤمنون: 37.
[4] البقرة: 28، الشورى: 7.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 4  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست