responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    جلد : 5  صفحه : 24

يستحق بها خمسين جزءا من الثواب فهذا الأقل منحبط بالأكثر كما كان. والآية تبطل قوله لأن الله تعالى تمدح بأن اليسير من الطاعة لا يسقط ، ولو كان الأمر كما قاله الجبائي لسقطت الطاعة من غير فائدة. قلت : للجبائي أن يقول : الإتيان بالطاعة مشروط عندي بعدم الإحباط كما أن العقاب على المعصية مشروط عندكم بعدم العفو. (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) كقوله (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) [النساء : ٦] وحين فرغ من دلائل التوحيد والنبوة والمعاد شرع في قصص الأنبياء تسلية لنبيه وتثبيتا وعظة لأمته وتذكيرا ، وقد مر قصة موسى إلا أنه أوجز فيها هاهنا والموجز تقدمه الفصحاء غالبا ، ولأن موسى أقوى حالا ومعجزة ، ولأن ذكر التوراة يناسب ما تقدم من قوله (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) وصف التوراة بأنها جامعة لكونها فرقانا يفرق به بين الحق والباطل ، وقد مر سائر تفاسير الفرقان في أول البقرة (وَضِياءً) كقوله (فِيها هُدىً وَنُورٌ) [المائدة : ٤٤] وذكر للمتقين أي شرفا وموعظة ، أو ذكر ما يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم وقوله (بِالْغَيْبِ) إما حال من الرب أي حال كونه غائبا عن حسهم والله لا يغيب عنه شيء فيكون كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فإن لم تكن تراه فإنه يراك» [١] وإما حال منهم أي حال كونهم غائبين عن عذاب الآخرة وأهوالها ، أو غائبين عن الناس أي يخشون ربهم في الخلوات. ثم عظم شأن القرآن بقوله (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ) أي كثير البركة (أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) أي أنتم دون سائر الناس مع علمكم بفصاحته وإعجازه تخصونه بالإنكار. ولا يخفى ما فيه من التوبيخ للعرب ومن داناهم.

التأويل (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً) من أرض البشرية ثم هم يحيون القلوب الميتة بل الله يحييها بنور ذكره وطاعته لو كان في سماء الروحانية وأرض البشرية (آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) كالعقل والهوى (لَفَسَدَتا) كما فسد سماء أرواح الفلاسفة حين أثبتت عقولهم للواجب صفات لا تليق به ، وفسد أرض بشرية الطبائعية حين زلت قدمهم عن استعمال قوانين الشريعة بمقتضى هوى الطبيعة (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) لأن أفعاله تعالى صادرة عن الحكمة والقدرة (وَهُمْ يُسْئَلُونَ) لأن أفعالهم منشؤها الظلومية والجهولية (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) لأنه ليس فيهم ما يخالف داعية العقل وهو الطبع الذي يجذب صاحبه إلى السفل ، ولهذا وصفهم بالإكرام ووصف بني آدم بالتكريم في قوله (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) [الإسراء : ٧٠] ففي التكريم تكثير ليس في


[١] رواه البخاري في كتاب تفسير سورة ٣١ باب ٢. مسلم في كتاب الإيمان حديث ٥٧ أبو داود في كتاب الإيمان باب ٤. ابن ماجة في كتاب المقدمة باب ٩. أحمد في مسنده (١ / ٢٧) (٢ / ١٠٧) (٤ / ١٢٩).

نام کتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    جلد : 5  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست