responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    جلد : 1  صفحه : 527

السؤال عن هذا الأمر الذي لا يعنيكم وارجعوا إلى ما البحث عنه أهم ، ولا تعتقدوا أن جميع ما سنح لكم هو على شاكلة الصواب : وانظروا في واحدة تفعلونها أنتم تحسبونها برا وليست من البر في شيء ، أو أنه تعالى لما ذكر الحكمة في الأهلة وهي جعلها مواقيت الناس والحج وكان هذا الأمر من الأشياء التي اعتبروها في الحج ، فلا جرم تكلم الله تعالى فيه استطرادا ، أو اتفق وقوع القصتين في وقت واحد فنزلت الآية فيهما معا في وقت واحد. وقيل : إنه تمثيل لتعكيسهم في سؤالهم ، فإن الطريق المستقيم هو الاستدلال بالمعلوم على المظنون ، فأما أن يستدل بالمظنون على المعلوم فذاك عكس الواجب ، ولما ثبت بالدلائل أن للعالم صانعا مختارا حكيما ، وثبت أن الحكيم لا يفعل إلا الصواب البريء عن العبث والسفه ، فإذا رأينا اختلاف حال القمر وجب أن نعلم أن فيه حكمة ومصلحة ، وهذا استدلال بالمعلوم على المجهول. فأما أن يستدل بعدم علمنا بما فيه من الحكمة على أن فاعله غير حكيم فهو استدلال بالمجهول على المعلوم ، فكأنه تعالى يقول : لما لم تعلموا حكمته في اختلاف نور القمر صرتم شاكين في حكمة الخالق أو قاربتم الشك ، فقد أتيتم الأمر من ورائه وهذا ليس من البر ولا من كمال العقل ، إنما البر أن تأتوا الأمور من وجوهها التي يجب أن تؤتى منها ، وهذا باب مشهور في الكناية قال الأعشى :

ويأس شربت على رغبة

وأخرى تداويت منها بها

لكي يعلم الناس أني امرؤ

أتيت المعيشة من بابها

وعن أبي مسلم : أن هذا إشارة إلى ما كانوا يفعلونه من النسيء وكان يقع الحج في غير وقته ، فذكر إتيان البيوت من ظهورها مثلا لمخالفتهم الواجب في الحج وشهوره. ثم إنه تعالى أمرهم بالتقوى التي تتضمن الإتيان بجميع الواجبات والاجتناب عن الفواحش والمنكرات إرادة أن يظفروا بالمطالب الدينية والدنيوية والله ولي التوفيق.

التأويل : (بِالْباطِلِ) أي بهوى النفس والحرص والإسراف (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) يعني النفوس الأمارة بالسوء (مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ) من الأموال التي خلقت للاستعانة بها على العبودية. الأهلة للزاهدين مواقيت أورادهم وللصديقين مواقيت مراقباتهم. والحج إشارة إلى ما يرد بحكم الوقت عليهم من غير اختيارهم ، فمن كان وقته الصحو كان قيامه بالشريعة ، ومن كان وقته المحو فالغالب عليه أحكام الحقيقة ، فإن تجلى لهم بوصف الجلال طاشوا ، وإن تجلى لهم بوصف الجمال عاشوا ، فليس للمحبين وقت إلا أوقات محبوبهم كما ليس لهم وصف إلا أوصاف محبوبهم والله تعالى أعلم.

نام کتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    جلد : 1  صفحه : 527
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست