responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 78
(مَهْمَا) اسْمُ شَرْطٍ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّكَ إِنْ تَجِئْنَا بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْآيَاتِ الَّتِي تَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى أَحَقِّيَّةِ دَعْوَتِكَ؛ لِأَجْلِ أَنْ تَسْحَرَنَا بِهَا؛ أَيْ: تَصْرِفَنَا بِهَا - بِدِقَّةٍ وَلُطْفٍ فِي التَّأْثِيرِ - عَمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنْ دِينِنَا، وَمِنْ تَسْخِيرِنَا لِقَوْمِكَ فِي خِدْمَتِنَا، وَضَرْبِ اللَّبَنِ لِمَبَانِينَا - فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُصَدِّقِينَ، وَلَا لِرِسَالَتِكَ بِمُتَّبِعِينَ.
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ أَيْ: فَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمَصَائِبَ وَالنَّكَبَاتِ، حَالَ كَوْنِهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ عَلَى صِدْقِ رِسَالَةِ عَبْدِنَا مُوسَى بِأَنْ تَوَعَّدَهُمْ بِهَا قَبْلَ وُقُوعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَفْصِيلًا لَا إِجْمَالًا؛ لِتَكُونَ دَلَالَتُهَا عَلَى صِدْقِهِ وَاضِحَةً لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ بِأَسْبَابٍ لَهَا لَا دَخْلَ لِرِسَالَتِهِ فِيهَا - فَاسْتَكْبَرُوا عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ اسْتِكْبَارًا، مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّةِ رِسَالَتِهِ، وَصِدْقِ دَعْوَتِهِ بَاطِنًا، وَكَانُوا قَوْمًا رَاسِخِينَ فِي الْإِجْرَامِ وَالذُّنُوبِ مُصِرِّينَ عَلَيْهَا فَلَا يَهُونُ عَلَيْهِمْ تَرْكُهَا.
جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ - أَوْ بَنِي إِسْرَائِيلَ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْطَى مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، وَقَدْ عَدَّ هُنَا مِنْهَا خَمْسًا، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى غَيْرِ هَذَا التَّرْتِيبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَعَطْفُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ لَا يَقْتَضِيهِ.
فَأَمَّا الطُّوفَانُ فَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: مَا طَافَ بِالشَّيْءِ وَغَشِيَهُ، وَغَلَبَ فِي طُوفَانِ الْمَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنَ السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِكَثْرَةٍ تَغْشَى الْأَرْضَ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ: الْأَمْطَارُ الْمُغْرِقَةُ الْمُتْلِفَةُ لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، وَبِهِ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى: هُوَ كَثْرَةُ الْمَوْتِ، وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الطُّوفَانُ: الْمَاءُ وَالطَّاعُونُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ هَيْمَانَ: حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِينَا، عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: " الطُّوفَانُ الْمَوْتُ " وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ هَيْمَانَ بِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: هُوَ أَمْرٌ مِنَ اللهِ طَافَ بِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ: فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (68: 19) اهـ.
أَقُولُ: أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَرْفُوعُ فَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ قَوْلُ مُخَالِفٍ لِلْمُتَبَادَرِ مِنَ اللُّغَةِ - فَيَحْيَى بْنُ هَيْمَانَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ هُوَ الْكُوفِيُّ الْعِجْلِيُّ كَانَ
مِنَ الْعُبَّادِ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَالَ: حَدَّثَ عَنِ الثَّوْرِيِّ بِعَجَائِبَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ كَانَ صَدُوقًا لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، وَلَكِنَّهُ كَثِيرُ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ، وَقَدْ أُصِيبَ بِالْفَالِجِ فَتَغَيَّرَ حِفْظُهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ خَلِيفَةَ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ؛ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ عَنِ الْمَشَاهِيرِ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَهَذَا طَعْنٌ مُبِينٌ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست