responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 546
أَيْ مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللهِ أَنْ يُؤْمِنَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ حِينَئِذٍ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَأَبُو مَالِكٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبْزَى قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَأَنْزَلَ اللهُ: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَنْزَلَ اللهُ: وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَكَانَ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ يَسْتَغْفِرُونَ فَلَمَّا خَرَجُوا أَنْزَلَ اللهُ: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْآيَةَ. فَأَذِنَ اللهُ فِي فَتْحِ مَكَّةَ، فَهُوَ الْعَذَابُ الَّذِي تَوَعَّدَهُمُ اللهُ تَعَالَى " وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى فِي رَفْعِهِ قَالَ: أَنْزَلَ اللهُ عَلَى أُمَّتِي أَمَانَيْنِ فَذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ: " فَإِذَا مَضَيْتُ تَرَكْتُ فِيهِمُ الِاسْتِغْفَارَ " وَهُوَ يُقَوِّي الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَأَنَّ الْعَذَابَ حَلَّ بِهِمْ لَمَّا تَرَكُوا النَّدَمَ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُمْ، وَبَالَغُوا فِي مُعَانَدَةِ الْمُسْلِمِينَ وَمُحَارَبَتِهِمْ، وَصَدِّهِمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاللهُ أَعْلَمُ اهـ مَا أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ اللهَ عَذَّبَهُمْ بِالْقَحْطِ لَمَّا دَعَا بِهِ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ، حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْعِظَامَ، وَلَمْ يَرْتَفِعْ إِلَّا بِدُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِتَفْسِيرِ الْعَذَابِ الْمُمْتَنِعِ مَعَ وُجُودِ الرَّسُولِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَا عَذَّبَ اللهُ بِهِ قَوْمَ فِرْعَوْنَ كَانَ مَعَ وُجُودِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَالْآيَاتُ نَزَلَتْ مَعَ السُّورَةِ بِالْمَدِينَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَيْ: وَمَاذَا وَثَبَتَ لَهُمْ مِمَّا يَمْنَعُ تَعْذِيبَهُمْ بِمَا دُونَ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعَيْنِ مِنْهُ بَعْدُ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَوْ لِلنُّسُكِ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ صَدُّهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ، وَالْآيَةُ نَزَلَتْ عَقِبَ غَزْوَةِ بَدْرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَالْمَنْعُ كَانَ وَاقِعًا مُنْذُ الْهِجْرَةِ، مَا كَانَ يَقْدِرُ مُسْلِمٌ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنْ دَخَلَ مَكَّةَ عَذَّبُوهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَنْ يُجِيرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ هُنَا عَذَابُ بِدْرٍ إِذْ قُتِلَ صَنَادِيدُهُمْ وَرُءُوسُ الْكُفْرِ فِيهِمْ، وَمِنْهُمْ أَبُو جَهْلٍ، وَأُسِرَ سُرَاتُهُمْ، لَا فَتْحَ مَكَّةَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ - بَلْ لَمْ تَكُنِ الْهِجْرَةُ نَفْسُهَا إِلَّا بِصَدِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهُ، فَقَدْ كَانُوا يُؤْذُونَ مَنْ طَافَ أَوْ صَلَّى فِيهِ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَقْوِيَاءِ مَنْ يَمْنَعُهُ وَيَحْمِيهِ، وَقَدْ وَضَعُوا عَلَى ظَهْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْثَ الْجَزُورِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَلَمْ يَتَجَرَّأْ أَحَدٌ عَلَى رَمْيِهِ عَنْهُ إِلَّا بِنْتُهُ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - وَمَنَعُوا أَبَا بَكْرٍ مِنَ
الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِيهِ فَبَنَى لِنَفْسِهِ مَسْجِدًا كَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ، فَصَدُّوهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ أَيْضًا; لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالْأَوْلَادَ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ الْمُؤَثِّرَةِ فَخَافُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يَهْتَدُوا إِلَى الْإِسْلَامِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِجَارَةُ ابْنِ الدُّغُنَّةِ لَهُ ثُمَّ اضْطِرَارُهُ إِلَى رَدِّ جِوَارِهِ، وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ الْهِجْرَةِ فِي الْبُخَارِيِّ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 546
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست