responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 533
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ قَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ التَّنَاسُبِ بَيْنَ هَذِهِ النِّدَاءَاتِ الْإِلَهِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ هَذَا الْجُزْءِ. وَوَرَدَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذَا النِّدَاءِ بِالنَّهْيِ عَنِ الْخِيَانَتَيْنِ هُنَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ " أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ - وَكَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي عَدَاوَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ - فَأَعْلَمَ اللهُ رَسُولَهُ بِمَكَانِهِ، فَكَتَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ. فَأَنْزَلَ اللهُ: لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ الْآيَةَ " وَالْمُرَادُ أَنَّ فِيهَا تَعْرِيضًا بِفِعْلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَدَّعِي الْإِيمَانَ بِأَنَّ عَمَلَهُ خِيَانَةٌ تُنَافِيهِ. وَالْخِيَانَةُ لِلنَّاسِ وَحْدَهُمْ مِنْ أَرْكَانِ النِّفَاقِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ - وَسَيَأْتِي - فَكَيْفَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ؟ .
وَفِي عِدَّةِ رِوَايَاتٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَالْكَلْبِيِّ وَالسُّدِّيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ حَلِيفًا لِبَنِي قُرَيْظَةَ مِنَ الْيَهُودِ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ إِجْلَاءِ إِخْوَانِهِمْ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، أَرَادُوا بَعْدَ طُولِ الْحِصَارِ أَنْ يَنْزِلُوا مِنْ حِصْنِهِمْ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَكَانَ مِنْ حُلَفَائِهِمْ مِنْ قَبْلِ غَدْرِهِمْ وَنَقْضِهِمْ لِعَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَبُو لُبَابَةَ بِأَلَّا يَفْعَلُوا، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ يَعْنِي أَنَّ سَعْدًا يَحْكُمُ بِذَبْحِهِمْ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: " مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَلِمْتُ أَنَّنِي خُنْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ " وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا لُبَابَةَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ حَلِيفًا لَهُمْ، بَلْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ وَضَعَ مَالَهُ وَوَلَدَهُ عِنْدَهُمْ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الذَّبْحِ، فَأَنْزَلَ اللهُ الْآيَةَ - وَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ أَبِي لُبَابَةَ: " أَيَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَيَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَيُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ " وَالْمُرَادُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَّ فِي إِيمَانِهِ حَتَّى إِنَّهُ سَأَلَ امْرَأَتَهُ: هَلْ يَقُومُ فِي بَيْتِهِ بِوَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ؟ فَأَجَابَتْهُ بِصِيغَةِ التَّأْكِيدِ الَّتِي يُجَابُ بِهَا مَنْ أَظْهَرَ شَكَّهُ، وَفِيهِ عِبْرَةٌ لِمُنَافِقِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِينَ يُخْلِصُونَ الْخِدْمَةَ، وَيُسْدُونَ النَّصِيحَةَ إِلَى أَعْدَاءِ مِلَّتِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ فِيمَا يُمْكِّنُ لَهُمُ السُّلْطَانَ فِي بِلَادِهِمْ، وَالسِّيَادَةَ عَلَى أُمَّتِهِمْ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 533
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست