responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 500
آكَدُ فِي الْوَعْدِ مِنْ مِثْلِ: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ أَنَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ لَكُمْ ; لِأَنَّ هَذَا إِثْبَاتٌ بَعْدَ إِثْبَاتٍ، إِثْبَاتٌ لِلشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، وَإِثْبَاتٌ لَهُ فِي بَدَلِهِ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ أَيْ: وَتُحِبُّونَ وَتَتَمَنَّوْنَ أَنَّ الطَّائِفَةَ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ وَهِيَ الْعِيرُ تَكُونُ لَكُمْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلَّا أَرْبَعُونَ فَارِسًا. وَالشَّوْكَةُ الْحِدَّةُ وَالْقُوَّةُ، وَأَصْلُهَا وَاحِدَةُ الشَّوْكِ شَبَّهُوا بِهَا أَسِنَّةَ الرِّمَاحِ، ثُمَّ أَطْلَقُوهَا تَجُوَّزًا عَلَى كُلِّ حَدِيدٍ مِنَ السِّلَاحِ، فَقَالُوا: شَائِكُ السِّلَاحِ وَشَاكِي السِّلَاحِ. وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهَا بِهَذَا التَّعْبِيرِ; لِلتَّعْرِيضِ بِكَرَاهَتِهِمْ لِلْقِتَالِ، وَطَمَعِهِمْ فِي الْمَالِ، وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ أَيْ: وَيُرِيدُ اللهُ بِوَعْدِهِ غَيْرَ مَا أَرَدْتُمْ، يُرِيدُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ الَّذِي أَرَادَهُ بِكَلِمَاتِهِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى رَسُولِهِ، أَيْ وَعْدَهُ لَكُمْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ
مُبْهَمَةً وَبَيَانُهَا لَهُ مُعَيَّنَةً مَعَ ضَمَانِ النَّصْرِ لَهُ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ الْمُعَانِدِينَ لَهُ مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ وَأَعْوَانِهِمْ بِاسْتِئْصَالِهِمْ شَأْفَتَهُمْ، وَمَحْقِ قُوَّتِهِمْ، فَإِنَّ دَابِرَ الْقَوْمِ آخِرُهُمُ الَّذِي يَأْتِي فِي دُبُرِهِمْ، وَيَكُونُ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَلَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ الْهَلَاكُ إِلَّا بِهَلَاكِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْجَيْشِ، وَهَكَذَا كَانَ الظَّفَرُ بِبَدْرٍ فَاتِحَةَ الظَّفَرِ فِيمَا بَعْدَهَا إِلَى أَنْ قَطَعَ اللهُ دَابِرَ الْمُشْرِكِينَ بِفَتْحِ مَكَّةَ، وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنْ نَيْلِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أُحُدٍ وَحُنَيْنٍ فَإِنَّمَا كَانَ تَرْبِيَةً عَلَى ذُنُوبٍ لَهُمُ اقْتَرَفُوهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْأُولَى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (3: 165) وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (3: 141) وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا إِلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ (9: 25، 26) إِلَخْ.
قَالَ فِي الْكَشَّافِ: يَعْنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ الْفَائِدَةَ الْعَاجِلَةَ وَسَفَاسِفَ الْأُمُورِ، وَأَلَّا تَلْقَوْا مَا يَرْزُؤُكُمْ فِي أَبْدَانِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ لَكُمْ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، وَمَا يَرْجِعُ إِلَى عِمَارَةِ الدِّينِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَعُلُوِّ الْكَلِمَةِ، وَالْفَوْزِ فِي الدَّارَيْنِ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْمُرَادَيْنِ: وَلِذَلِكَ اخْتَارَ لَكُمُ الطَّائِفَةَ ذَاتَ الشَّوْكَةِ، وَكَسَرَ قُوَّتَهُمْ بِضَعْفِكُمْ، وَغَلَبَ كَثْرَتَهُمْ بِقِلَّتِكُمْ، وَأَعَزَّكُمْ، وَأَذَلَّهُمْ، وَحَصَلَ لَكُمْ مَا لَا تُعَارِضُ أَدْنَاهُ الْعِيرُ وَمَا فِيهَا.
لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ أَيْ: وَعَدَ بِمَا وَعَدَ وَأَرَادَ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ذَاتَ الشَّوْكَةِ لِيُحِقَّ الْحَقَّ، أَيْ يُقِرَّهُ وَيُثْبِتَهُ; لِأَنَّهُ الْحَقُّ - وَهُوَ الْإِسْلَامُ - وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ أَيْ يُزِيلَهُ وَيَمْحَقَهُ - وَهُوَ الشِّرْكُ - وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ أُولُو الِاعْتِدَاءِ وَالطُّغْيَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وَإِحْقَاقُ الْحَقِّ وَإِبْطَالُ الْبَاطِلِ لَا يَكُونُ بِاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى الْعِيرِ، بَلْ بِقَتْلِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ وَالطَّاغُوتِ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ الْمُعَانِدِينَ الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَيْكُمْ مِنْ مَكَّةَ ; لِيَسْتَأْصِلُوكُمْ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا فَسَّرْنَا بِهِ الْحَقَّ فِي الْآيَتَيْنِ أَنَّهُ لَا تَكْرَارَ فِيهِ، فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ هُوَ الْقِتَالُ لِطَائِفَةِ النَّفِيرِ مَعَ ضَمَانِ النَّصْرِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَمَحْقِ الْكَافِرِينَ، وَالثَّانِي هُوَ الْإِسْلَامُ، وَهُوَ الْمَقْصِدُ، وَالْأَوَّلُ وَسِيلَةٌ لَهُ. وَهَذَا أَظْهَرُ مِمَّا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ الْمُنِيرِ.

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 500
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست