responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 495
عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: " كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا قَالَ: انْظُرْ مَاذَا تَقُولُ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟ فَقَالَ: عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا، فَقَالَ: يَا حَارِثَةُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ - ثَلَاثًا " وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: " أَمُومِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: الْإِيمَانُ إِيمَانَانِ فَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْبَعْثِ وَالْحِسَابِ، فَأَنَا مُؤْمِنٌ، وَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ فَوَاللهِ لَا أَدْرِي أَنَا مِنْهُمْ أَمْ لَا ".
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى جَزَاءَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الْكَمَلَةِ فَقَالَ: لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ الدَّرَجَاتُ مَنَازِلُ الرِّفْعَةِ وَمَرَاقِي الْكَرَامَةِ، وَكَوْنُهَا عِنْدَ الرَّبِّ تَعَالَى
وَذَكَرَهُ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِهِمْ تَنْبِيهٌ إِلَى عِظَمِ قَدْرِ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ وَتَكْرِيمٌ لِأَهْلِهَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى فَضَّلَ بَعْضَ النَّاسِ وَرَفَعَهُمْ عَلَى بَعْضٍ دَرَجَةً أَوْ دَرَجَاتٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَعِنْدَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا الْأَخِيرُ وَإِنْ كَانَ يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ وَصْفَهُ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الرَّبِّ، وَبِإِضَافَةِ اسْمِ الرَّبِّ إِلَى أَصْحَابِ الدَّرَجَاتِ يَدُلُّ عَلَى مَزِيدِ رِفْعَةٍ وَاخْتِصَاصٍ.
وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَفْقَهَ مَعْنَى الدَّرَجَاتِ فِي التَّفَاضُلِ بَيْنَ النَّاسِ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى بَعْدَ بَيَانِ تَسَاوِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْحُقُوقِ: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ (2: 228) وَهِيَ دَرَجَةُ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي فَضْلِ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا (4: 95 و96) وَهُنَا جَمَعَ بَيْنَ الدَّرَجَةِ وَالدَّرَجَاتِ فَقِيلَ: الدَّرَجَةُ تَفْضِيلُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: مَنْزِلَتُهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَالدَّرَجَاتُ مَنَازِلُهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي تَفْضِيلِ الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَلَى سِقَايَةِ الْحَاجِّ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (9: 20) إِلَخِ الْآيَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَقَالَ تَعَالَى فِي بَيَانِ التَّفَاوُتِ وَالْبُعْدِ بَيْنَ مُتَّبِعِي رِضْوَانِهِ وَمُتَّبِعِي سُخْطِهِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (3: 163) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِنْدِيَّةَ هُنَا عِنْدِيَّةُ الْحُكْمِ أَوِ الْجَزَاءِ، لَا الْمَكَانَةِ ; لِأَنَّهَا مُحَاوَلَةٌ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ، وَقَالَ تَعَالَى فِي الرُّسُلِ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ (2: 253) الْآيَةَ، قَالُوا: هَذِهِ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيمَ عَقِبَ ذِكْرِ مُحَاجَّتِهِ لِقَوْمِهِ:

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 9  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست